المفهوم الحقيقي للمقام العراقي
العجم و النهاوند و تصويرهما في الموسيقى الشرقية يوجد نفس المقامين الموجودين في الموسيقى الغربية: العجم (المقابل لسلم ميجر) و النهاوند (المقابل لسلم ماينر). و بنفس الطريقة يجري في الموسيقى الشرقية عزف هذين المقامين او النغمين في مواقع مختلفة من السلم الموسيقي و لكن الشرقيين يسمون ذلك تصويرا للمقام. فيقال عجم على السي بيمول او عجم على الصول و هكذا الانغام او المقامات الاخرى. و لكن الموسيقى الشرقية فرعت هذين المقامين باشكال مختلفة. فاي تغيير في ترتيب الابعاد السبعة من السلم او اي تغيير في كيفية انهاء المقام جعلوها مقاما منفصلا و هكذا نشأت مقامات عديدة تختلف عن بعضها في عرف الموسيقي الشرقي مثل الحجاز و النگريز و النوا اثر و الحجاز كار و الحجاز كار كرد و اللامي و غيرها. و الموسيقى الغربية تستطيع ان تعزف من خلال المقامين جميع هذه الانغام او المقامات الشرقية ولكنها تعتبرها جزءا من المقامين الاساسيين
الارباع في الموسيقى الشرقية اضف الى ذلك قسمت الموسيقى الشرقية البعد الطنيني الى اربعة اقسام بدلا من تقسيمه الى قسمين فقط كما في الموسيقى الغربية و هذا خلق امكانية وجود عدد كبير اخر من المقامات التي لا تستخدمها الموسيقى الغربية، فنشأت مقامات مثل الرست و البيات و الصبا و السيگاه و المخالف والبستة نگار و غيرها مما بلغ عند مسجلي المقامات الى ما يزيد على التسعين مقاما. لقد اوجدت الموسيقى الشرقية بعدين اخرين هي نصف بيمول (كار بيمول) و يقع بين البيمول و البعد الطنيني الكامل و نصف دييز و يقع بين البعد الطنيني الكامل و الدييز
قواعد تأليف القطع الموسيقية و كما في الموسيقى الغربية توجد قواعد للتآليف الموسيقي يتبعها الملحن عند تأليف اي نتاج جديد. و احد مكونات اي نتاج موسيقي هو المقام او النغم الذي يبنى عليه. اذ لا توجد موسيقى بدون نغم او مقام. و لكن النتاجات الموسيقية لها قواعدها. فعندما يقوم الملحن بوضع قطعة سماعي مثلا عليه ان يتبع في تاليف السماعي قواعد السماعي و الا اعتبر تأليفه ناقصا. فاضافة الى النغم او المقام ينبغي ان يتمسك الملحن بوزن السماعي الخاص و بعدد القطع التي تسمى الخانات و بالقطعة المتكررة بعد كل خانة التي تسمى التسليم و القطعة الاخيرة التي تؤلف عادة من وزن يختلف عن وزن السماعي و تكون على الاغلب من الوزن الثلاثي تسمى الدارج. و لكل نوع من النتاجات الموسيقية توجد قواعد معينة يجب على الملحن ان يلتزم بها. فهناك السماعي و البشرف و اللونغا و التحميلة و هناك الموشح و الدور و الموال الخ. و حين نذكر نتاجا مثل الغندول او النهر الخالد او من غير ليه او الاطلال او انت عمري او ايها الساقي او على شواطي دجلة مر و غيرها فاننا لا نفكر باسم المقام الذي يكونها بل نعود بالذاكرة الى القطعة نفسها. فاذا جاءت سوزان عطية و غنت انت عمري و حاولت ان تصل في ادائها الى مستوى السيدة ام كلثوم فانها مع ذلك تغنيها بروحيتها المختلفة عن روحية ام كلثوم. و لكن الاغنية تبقى اغنية انت عمري
مصيبة وجود كلمة مقام في المقامات و ينطبق الشيء ذاته على المقامات العراقية. و لكن مصيبة المقامات العراقية هي انها من كل النتاجات الموسيقية الاخرى فيها كلمة المقام في تسميتها. و هذا يخلق بعض البلبلة في فهم المقامات العراقية حى في الاوساط الموسيقية العراقية. اتذكر في كلمة عن المقام العراقي القيتها في قاعة الكوفة كان لبنانيا بين المستمعين. و بعد المحاضرة سالني هذا المستمع قائلا ان جميع المقامات هي واحدة في العراق و في لبنان و مصر و سائر البلدان العربية فلماذا تسميها مقامات عراقية؟ ان وجود كلمة المقامات المشتركة في مفهوم المقام باعتباره نغم بصورة عامة و مفهوم المقام العراقي لا يعني ان المقامات العراقية تختلف في قواعدها عن سائر الموسيقى الشرقية. فكل مقام من المقامات العراقية قائم على اساس مقام شرقي اساسي كما هو الحال في النتاجات الموسيقية و الغنائية الاخرى في الموسيقى الشرقية
اختلاف المقام عن المقام العراقي و لكن مفهوم المقامات العراقية يختلف اختلافا كليا عن مفهوم المقام بصورة عامة. فالمقام كما رأينا يعني السلم او النغم. اما المقامات العراقية فهي مجموعة نتاجات غنائية معينة مؤلفة سابقا بالضبط كالنهر الخالد و انت عمري. و حين نسمع مثلا مقام الرست في المقامات العراقية فاننا نعود بالذاكرة الى قطعة مؤلفة سابقا و معينة هي المقام العراقي الذي اسمه مقام الرست. و مقام الرست في المقامات العراقية هو مقام واحد لا ثان له في المقامات العراقية. و وجود كلمة مقام فيه لا تغير من هذه الحقيقة
عدد المقامات العراقية هناك اليوم ٥٦ مقاما عراقيا كل منها مقام عراقي مستقل بنفسه، مؤلف سابقا. و حين يقرأ قارئ المقام مقام الرست فانه يعيد غناء هذا المقام المعين بالضبط كما أخذه عن اسلافه من قراء المقام العراقي و لكنه مع ذلك يقرأه بروحيته الخاصة. فرغم ان مقام البهيرزاوي مثلا مقام معين الا ان من القراء من اجاد بغنائه اكثر من غيره. و لذا مثلا حين يذكر مقام البهيرزاوي حتى لدى قراء المقام انفسهم يذكر البهيرزاوي الذي غنته صديقة الملاية كاحسن مثل لقراءة البهيرزاوي. بطبيعة الحال يكون في تركيب كل مقام عراقي احد المقامات كالرست و البيات و الصبا و السيگاه و المخالف و الحجاز و النهاوند نظرا الى انه لا يمكن ان تكون هناك موسيقى بدون ان يكون لها مقام او نغم خاص بها. و لكن بناء المقام العراقي لا يقتصر على هذا فقط. فتركيب المقام العراقي له، شأنه شأن اي نتاج موسيقي اخر، قواعده الاساسية التي تختلف في تركيبها عن سائر المؤلفات الغنائية حتى في الموسيقى العراقية عموما. و على الملحن الذي يضع مقاما جديدا ان يلتزم بقواعد المقام العراقي و الا فلا يعتبر نتاجه مقاما عراقيا. هناك مقامات عراقية نعرف واضعيها مثل شلتاغ و احمد زيدان و محمد القبانچي. و لكن العديد من المقامات قديمة لا نعرف واضعيها الحقيقيين
فما هو التركيب التقليدي للمقام العراقي؟ توجد لكل مقام عراقي ثلاث مكونات معينة هي المقام او النغم و الشعر المغنى فيه و الوزن الايقاعي المستخدم في المقام
النغم او المقام اولا يجب ان يكون للمقام العراقي نغم اساسي كالبيات و الرست و الصبا و الحجاز الخ
القصيدة او الزهيري ثانيا يجب ان يحدد نوع الشعر المستخدم في المقام العراقي. فهناك مقامات تغنى بالقصيدة و هناك مقامات تغنى بالموال العراقي او الزهيري. فاذا غنى واضع المقام مقامه بالقصيدة فعلى كل قارئ ان يغني ذلك المقام بالقصيدة، واذا غنى واضع المقام مقامه بالزهيري فعلى كل قارئ مقام ان يغني ذلك المقام بالزهيري
اللامي و الابوذية و ثمة حادث شبيه بالسيفونية الناقصة حدث للاستاذ القبانچي. حين كان في برلين سنة ١٩٢٩، حيث سجل العديد من المقامات العراقية، وصله نبأ كاذب بوفاة والده. و تعبيرا عن حالته النفسية لدى سماع هذا الخبر وضع مقاما من نغم اللامي اسماه مقام لامي. و خلافا لكافة المقامات المعروفة غنى القبانچي هذا المقام بابوذية. كان هذا المقام تعبيرا عن حالة القبانجي النفسية في تلك اللحظة و قد وجد الابوذية افضل تعبير عن ذلك. فبالنسبة للقبانچي كان هذا مقاما كاملا عبر عن شعوره في تلك اللحظة المعينة اما بالنسبة لخبراء المقام فكان مقاما ناقصا ان صح التعبير. و حتى القبانچي نفسه حين غنى مقام اللامي في مؤتمر موسيقي سنة ١٩٦٤، حين كان في وضع نفسي مختلف، غناه مع قصيدة و كذلك فعل القراء الذين غنوا مقام اللامي بعد ذلك
الوزن الايقاعي و بلا وزن ثالثا يجب ان يحدد واضع المقام نوع الوزن الايقاعي الذي يغنى فيه المقام. و في المقامات العراقية توجد مقامات تغنى مع وزن ايقاعي معين من البداية حتى النهاية. وتوجد مقامات تغنى بوزن ايقاعي معين في البداية وفي مكان معين من المقام العراقي يتحول الوزن الى وزن ايقاعي اخر فيكون المقام ذا وزنين ايقاعيين. و توجد مقامات تقرأ بدون وزن ايقاعي و اخرى تقرأ بدون وزن ايقاعي في بدايتها و مع وزن ايقاعي في مكان معين من المقام. و على قارئ اي مقام ان يلتزم بالوزن الايقاعي المحدد للمقام الذي يؤديه
و تختلف اسماء المقامات العراقية. فبعضها يسمى باسم المقام الاساسي للمقام العراقي، مثل مقامات الحجاز ديوان و الرست و البيات و الحسيني و السيگاه و الصبا و المخالف الخ.. و منها ما يسمى باسماء اخرى مثل مقام الخنابات، و البهيرزاوي و الاورفه و المگابل و غيرها
اجزاء المقام الرئيسية و يتألف كل مقام من عدة اقسام اذكر منها الاقسام الرئيسية
التحرير لاغلبية المقامات قطعة تمهيدية من الغناء تسمى التحرير. يغنى التحرير من المقام الرئيسي المحدد لذلك المقام العراقي. والتحرير عبارة عن مقدمة او تمهيد مهمتها سلطنة القارئ و المستمعين لنغم المقام الذي يراد اداؤه. و يقرأ التحرير عادة بكلمات محددة مستقلة عن الشعر المستعمل في غناء ذلك المقام. فتستعمل كلمة يا دوست مثلا في تحرير مقام الاوج، وكلمة اللي في تحرير مقام السيگاه و كلمة خيي في مقام البهيرزاوي و كلمة أمان في مقام الحجاز ديوان وهكذا. وبعد التحرير يبدأ غناء المقام العراقي بالشعر او الزهيري المقرر كما سبق مع وجود قطع صغيرة معروفة تغنى اما بكلمات من الشعر المستخدم او بكلمات خاصة معروفة لتلك القطع
الجلسة و الميانة و بعد غناء شيء من الشعر يصل القارئ عادة الى درجة واطئة هي النهاية الطبيعية للمقام الرئيسي تسمى الجلسة. و الجلسة هي تحضير لما يسمى الميانة. فبعد الجلسة يعزف الموسيقيون شيئا تحضيريا للميانة. و الميانة هي صيحة من جواب المقام يؤديها القارئ. وهي من اجزاء المقام الصعبة عادة لانها تتطلب من القارئ نقاوة في الصوت الجوابي المرتفع و دقة في اداء الجواب
و في ختام المحاضرة وجه المستمعون بعض الاسئلة اود ان اشير الى واحد منها يتكرر دائما و في جميع المحاضرات
١١ كانون الاول ٢٠٠٤
انا لدیه فقط ملاحظة و تصحیح معلومة کتبها الاخ حسقیل قوجمان ، یقول بان موزات کتب السیمفونیة الناقصة ... لتصحیح المعلومة السیمفونیة الناقصة
ReplyDeleteکتبها المولف الموسیقي الالماني المعروف
Franz Peter Schubert
Symphony No. 8 in B minor, D. 759 Unfinished .
مع تحیاتي
بیشرو بابان