Mulla Uthman al-Mawsili الملا عثمان الموصلي






Mulla ʻUthman al-Mawsili (1854-1923): blind prodigy, talented poet and composer, and protégé of the great Sufi master Muhammad Abu-l Huda al-Sayyadi al-Rifaʻi and the Ottoman Sultan ʻAbdul-Hamid II. Born in Mosul to a poor family, orphaned at the age of seven and then adopted by the al-ʻUmari family (descendants of ʻUmar ibn al-Khattab in Mosul and Baghdad), he learned music and Quranic recital at a very early age. He traveled to Baghdad to learn the art of the maqam al-ʻIraqi from the greatest singers at the time, the famed Turkmen virtuoso Rahmat Allah Shiltegh (1798-1872), Hajj Abdullah al-Kirkukli, Khalil Rabbaz, and Amin Agha ibn al-Hammamchiyya. He also performed mawlid and dhikr ceremonies, wrote poetry, and composed dozens of religious and profane songs, many still used to this day in classical and religious Iraqi music. Some of his well-known students: Mulla Mahdi al-Hafidh, Abdul Qadir Abdul Razzaq, Mahmud al-Hashimi, Ahmed Abu Khalil al-Qabbani, Sheikh Muhammad Rifʻat, Abdul Qadir al-Musili, Sayyid Ahmed Abdul Qadir al-Musili, Sayyid Salman al-Musili, Najm al-Sheikhli, Abdul Fattah Maʻruf Efendi, Abdul Razzaq al-Qubbanchi, Muhammad Ali Khaiwka, Muhammad al-ʻAshiq, and Sayyid Darwish.


***

 
الملا عثمان الموصلي بن الحاج عبد الله بن عمر المنسوب إلى بيت الطحان ولد في الموصل سنة ١٨٥٤ و توفي في بغداد سنة ١٩٢٣ ودفن في مقبرة الغزالي. كان كفيفا لا يبصر و ترعرع يتيما في الموصل حتى تولاه آل العمري لرعايته لما رأوا فيه النجابه و الذكاء. حفظ القرآن و السيرة و اتقن التلاوة و نظم الاشعار و هو صغير السن. وفد الى بغداد و حفظ صحيح البخارى و قرأ الموالد النبوية ثم اخذ المقام العراقي من الحاج عبد الله الكركوكلي ومن رحمة الله شلتاغ (١٧٩٨-١٨٧٢) و خليل رباز و امين آغا ابن الحمامجيه. ادى فريضة الحج ثم عاد الى مسقط رأسه الموصل و قرأ القراءات و درس الموسيقى و العزف و الشعر و العلوم الشرعية. ومن الذين تلقوا عنه اصول التلاوة و النغم الحاج عبد القادر عبد الرزاق خطيب جامع الامام الاعظم والسيد محمود الهاشمي والملا مهدي الحافظ وعبد الفتاح معروف ومحمد صالح الجوادي والحاج محمود عبد الوهاب و كاظم اوز و احمد ابو خليل القباني و الشيخ محمد رفعت من مصر و غيرهم. كان كثير الاسفار في البلاد والتجول فيها وكان صوته غليظا أجش وفيه بحة. والى الملا عثمان تنسب عشرات التنزيلات والاشغال المولدية المستعملة الى اليوم في العراق في الموالد النبوية. و كان يحتفظ محمد صالح الخطاط باسطوانات شمعية فيها شئ من تلاوة الملا عثمان بصوته غير انها مضطربة مشوشة. بعض تسجيلاته على الاسطوانات بين عامي ١٩١٠ و ١٩١٢ في اسطنبول اواخر العهد العثماني متوفرة تجاريا في تركيا تحت اسم موصلو حافظ عصمان افندي و هي بجودة عالية و تعد افضل نموذج وصلنا من صوت الملا الموصلي
***


الملا والشيخ والحافظ والمتصوف والموسيقار والشاعر عثمان الموصلي رائد الموسيقى العربية الحديثة وكان أسطورة في التلاوة وقراءة الموالد والاذكار كما اتقن فصول المقام العراقي وسجل الاسطوانات وعلم الموسيقى والتلاوة في كافة ارجاء الدولة العثمانية. كان رئيس القراء في جامعي المرادية والخفافين في بغداد وبرزت شهرته في اسطنبول وقرأ القرآن في بلاط السلطان عبد الحميد و جامع صوفيا كما قرأ في الجامع الاموي والازهر.

كان شاعراً ضليعاً باللغتين التركية والفارسية و قد شهد لـه شعراء الاتراك والعجم بأنه اعجوبة الدهر. رافق الشيخ ابو الهدى الصيادي في الاستانه ونال حظاً وافراً من عطفه وأخذ عنه الطريقة الرفاعية وكان الصيادي رحمه اللـه يهيم حباً واعجاباً بفنونه وعلمه ويجل قدره ويعظم مواهبه ولا يسمح لأحد مهما علا شأنه من ضيوفه العظام بالتدخين في حضرته الا للضرير العبقري . تعلم الملا الضرير العزف على آلة القانون من تلقاء نفسه، ثم تعلم العزف على الناي فأتى بغرائب الاعجاز، و كان لا يستعمل في قانونه العربات التي تستعمل عادة لاخراج انصاف الارباع، بل كان يتلاعب بأناملـه واطراف اظافره فيخرج النغمات سليمة شجية مما لم يسبق لغيره ان أتى بمثلـه. وتطاولت عبقريته على فناني الاتراك اللامعين فكانوا يرون انفسهم لا شيء بالنسبة لفنون هذا الضرير الجبار ويتسابقون لزيارته ويستقون من ورده الصافي اعذب الموشحات والالحان ويشهدون بأنه تحفة عجيبة وهبها الدهر للناس لينعم بعبقريته البشر. 


هو صاحب المدرسة العثمانية في التلاوة وتنسب اليه الكثير من الالحان والموشحات (حوالي خمسين موشح) والتنزيلات (مرادف البسته
 في الغناء الديني) منها ما نسب الى مجهول او الى التراث او الى تلاميذه، نذكر منها "زوزوني كل سنه مرة" (كانت "زر قبر الحبيب مرة") و "فوكَ النخل فوكَ" (كانت "فوكَ العرش فوكَ، معراج ابو ابراهيم فوكَ العرش فوكَ") و"طلعت يا محلى نورها" (كانت "بهوى المختار المهدي") و "ربيتك زغيرون حسن" كانت ("يا صفوه الرحمن سكن فيكم غرامي") و "اشكَر بشامة" (كانت "احمد بحسنه سبانا") و "للعاشق في الهوى دلائل" و "ليت امي لم تلدني" و "لغة العرب اذكرينا" و "يا غزالا في الفلاة" و "يا خشوف العلى المجريه" " و "صلي يا ربي على خير الانام" و "قم الينا يا معّنى" و "كم حبونا جوهرا" و "الليالي عطرت احلامنا" و "هب الصبا" و "الغصن الريان" و "قضى الليل يا معجلو" و"ناح الحمام القمري" و "يا الهي بالتهامي" و "يا راحلين اليه بالامان" و "نلت المقام الاشرف" و "نال العلا و الفضل و النجاة" و "املأ و اسقينا" و "آه يا سيدي" و "يا قلب صبرا" و "انظر اليّه واعطف عليّه" و "آل بيت الهادي الامين" ، وغيرها كثير.

و قد ادخل مقامي النهاوند و الحجازكار الى المقام العراقي وادخل على مقام الحجاز عناصر من مقام الديوان التركي الذي كان يغنى في الموصل وكان اول من ذيل المقامات بالبستات التى حورها من تنزيلات المولد النبوي ومنها يا صياد السمج، دزاني ، لاناشد القبطان، قدك المياس، يم العيون السود، الليله حلوة، النوم محرم، يا بنت المعيدي، يا حلو يا مسليني، وطالعة من بيت ابوها. من تلاميذه عبد الرزاق القبانجي (والد محمد)، محمد خيوكه (والد حسن) واحمد الموصلي وعبد القادر الموصلي واحمد حسين الصفو و نجم الشيخلي و الحامولي و سيد درويش وغيرهم.

من مؤلفاته كتاب "ابيض خواتم الحكم في التصوف" وكتاب "نباتي" وكتاب "الطراز المذهب في الادب" و "الابكار الحسان في مدح سيد الاكوان" و "التوجع الاكبر بحادثة الازهر" و "المراثي الموصليه في العلماء المصريه" و "حل الرموز و كشف المكمنوز" و "سعاده الدارين" و رسالة مطبوعة بتخميس لامية الإمام البوصيري الشهيرة وقام بجمع وتنقيح ديوان الشعر المسمى "الترياق الفاروقي" وهو نظم أستاذه ومربيه المرحوم عبد الباقي العمري الموصلي شاعر العراق الأكبر وهو أكبر جهد قام به مؤلف ومدقق كما اصدر مجلة المعارف في مصر. ولـه اشعار و تخاميس وتشاطير و مؤلفات عديدة استأثر بها بعض ذوي النفوذ الذين كانوا يوفدون نساخاً لتدوين ما ينطقه.
---------------------------

المصادر:
المقام العراقي و اعلام الغناء البغدادي - الشيخ جلال الحنفي. بيروت
المقام العراقي ،الى اين؟ - حسين اسماعيل الأعظمي. بيروت
الغناء العراقي - حمودي الوردي. بغداد
عثمان الموصلي في بغداد - محمد العبطه. بغداد
عثمان الموصلي - عادل البكري، بغداد
اضواء على انجازات الملا عثمان الموصلي - حبيب ظاهر العباس
لقاء اذاعي مع الشيخ قاسم القيسي
لقاء اذاعي مع السيد كامل احمد حبيب
لقاء مع القارئ الشيخ علي حسن داود العامري
محاضره للقارئ حامد السعدي نشرت في جريده المؤتمر، ٢٠٠٣
الموسوعة العربية

***

 اسطوانات شمعية بصوت الملا عثمان الموصلي


***

ملا عثمان الموصلي يغني للعاشق في الهوى دلائل



***

 

أقول لصحبٍ ضمّت الكأس شملهم * وداعي صباباتِ الهوى يترنّمُ
خذوا بنصيبٍ من نعيمٍ ولذّةٍ * فكلٌ وإن طال المدى يتصرّمُ

يا اهل الحدباءِ يا عيوني
هذا القوان اسمعوه بعد موتي
انا عثمان والسلام عليكم


***


الشاعر الموسيقار عثمان الموصلي

أ.د. عمر الطالب
 
ولد عثمان الموصلي عام ١٨٥٤ و كان والده الحاج عبد الله سقاء توارث المهنة عن أجداده. توفي والده و هو في السابعة من عمره، و ما لبث أن أصيب بفقد بصره متأثراً بمرض الجدري الذي أصيب به، و ضمه جاره محمود بن سليمان العمري الى أولاده موضع عناية و عين له معلماً حفّظه القرآن. و قد أعجب محمود أفندي بصوت عثمان فخصص له معلماً يعلمه الموسيقى و الألحان، فنبغ فيها و حفظ الأشعار و القصائد. و شرع عثمان في تعلم علوم العربية على علماء عصره كالشيخ عمر الأربيلي و صالح الخطيب و عبد الله فيضي و غيرهم. و كان مولده في محلة باب العراق بالموصل. و عندما توفي محمود أفندي العمري عام ١٨٧٥ ترك عثمان مدينة الموصل الى بغداد و كان في العقد الثالث من عمره، و تلقاه بالتكريم أحمد عزة باشا العمري ابن محمود أفندي، و أسكنه عنده و اشتهر هناك بقراءة المولد فحفّ به الناس. و درس عثمان صحيح البخاري على داؤد أفندي و بهاء الحق أفندي الهندي. و ذهب الى الحج ثم عاد الى الموصل عام ١٨٨٦، و تتبع الدرس فيها على يد الشيخ محمد بن جرجيس الموصلي الشهير بالنوري، و أخذ عنه الطريقة القادرية، و هي إحدى الطرق الصوفية الشهيرة في الموصل، و قرأ القراءات السبع على الطريقة الشاطبية على المقرئ الشيخ محمد بن حسن أجازه بها. و سافر الى اسطنبول حيث تلقاه أحمد عزة باشا العمري، و عّرفه على مشاهير الناس و علمائهم و أخذ عن الشيخ مخفي أفندي القراءات العشر و التكبيرات و أجازه فيها.
 
و رأى الملا عثمان أن يوسع معارفه فسافر الى مصر و اخذ عن الشيخ يوسف عجور إمام الشافعية القراءات العشر و التهليل و التحميد و أجازه بها. و عاد من مصر الى الموصل، و كان قد درس في بغداد على الشيخ محمود شكري الآلوسي. و سافر الملا عثمان الى اسطنبول أكثر من مرة و أستمع إليه الناس في جامع أيا صوفيا و أعجبوا به و أصبح مقصداً للمجتمع الأدبي والفني. و أهم الشخصيات التي تعرف بها في اسطنبول محمد أبو الهدى الصيادي و أخذ عنه الطريقة الرفاعية، و فتح أمامه آفاقاً بتقديمه الى السلطان عبد الحميد. و قربه السلطان وسمح له دخول قصوره و قصور الحريم متى شاء. و ظل الملا عثمان مقرباً من البلاط في اسطنبول و كان موضع عناية الخليفة العثماني، و كان يعتمد عليه شخصياً في إيفاده إلى بعض أنحاء الإمبراطورية العثمانية لأغراض سياسية، و كان يخطب في الحج باسم السلطان عبد الحميد بتخويل منه. و التقى عند ذهابه الى مصر عام ١٨٩٥ بالموسيقار عبده الحمولي وغيره من رجال الموسيقى و الفن و درسوا عليه فنون الموشحات، و التقى عام ١٩٠٩ بسيد درويش في الشام، و درس عليه سيد درويش الموشحات و فنون الموسيقى، و قام بتخميس لامية البوصيري و اطلق عليها (الهدية الشامية على القصيدة اللامية). و قد أرسله السلطان عبد الحميد الى ليبيا لمعرفة المقاصد السياسية للسنوسي فأكرمه السنوسي أجل إكرام.

القراءات والموسيقى:-

إزدهرت مدن العراق بالمقرئين المجيدين و كانت الموصل في مقدمة هذه المدن منذ العهد العباسي و أشتهرت بمدارس القرآن الكثيرة التي تدرس فيها علوم التجويد و الأقراء حسب القراءات المشهورة مع التدريب على أصولها، و كان التدريب فيها على أئمة القراءة و أساتذة التجويد المشهورين حيث يجاز على أيديهم عدد كبير من الطلاب يمنحون إجازاتهم في حفل كبير كل عام. و قد ظهر في الموصل قراء مشهورون توارثوا القراءة عن بعضهم كالملا سعد الدين بن محمد أمين بن سعد الدين شيخ القراء و أحد أدباء الموصل المعروفين، و محمود حموشي الموصلي، المتوفي عام ١٣٣٥هـ و الشيخ عبد الله الآلوسي الموصلي مدرس جامع الخلفاء في بغداد و المتوفي عام ١٣٣٧هـ و الملا عثمان الذي كان قارئا ومقرئاً أي أستاذاً في القراءات، و كان الطلبة ينهلون من علمه ومعرفته. و دّرس في بغداد في جامعي الخفافين و المرادية و أشهر من درس عليه محمد بهجة الأثري و محمد صالح الجوادي الذي تخرج عليه جيل من القراء، و ينصرف الملا عثمان في أشعاره و قصائده الى مدح الرسول و آل البيت و ألف كتباً في ذلك و قد ساعده ذلك أن يكون من شعراء الموالد النبوية و الموشحات، و من أبرزهم في العراق، و يعد معلماً فيها. و ذكر أن له خمسين موشحاً جميعها ذات ألحان رائعة، و يعد مدرسة كاملة في فن الموشحات فنوقلت ما بين العراق و الشام و مصر. و من الموشحات الجميلة التي نظمها، التنزيلة التالية:
 
لم يزل دمع عيوني * هاطلاً طول الزمن
آل طه أوصلوني * دمت في فرط الحزن
فيكم هاج غرامي * نجم صبري قد هوى
يابني الهادي التهامي * عنكم طال النوى
فارحموا الصب و داووا * القلب من نار الشجن
أيها العاذل مهلاً * لست أصغي للملام
أنا دأبي حب ليلى * منذ ناهزت العظام
فلكم أمضيت ليلاً * لم يذق جفني المنام
قيدتني في هواها * مذ رمتني في المحن
أيها القلب تأمل * بادعاء و مقال
يسوى آل المفضل * لم تنل حلو الوصال
بهمو لذ و تسربل * راجياً فضل النوال
عبدكم عثمان يحظى * بالأماني و المنن
 
وكذلك هذه التنزيلة على نغم العشيران:
 
ألمح برقاً لاح من أرضكم * أم نغر ليلى بان لي مبتسـم
يا آل طه قد غدا عبدكـم * مضنى عن الأشواق لا ينثني
يا عاذلي في حبهم خلتي  
جمرة قلبي جففت دمعتي * حتى استحالت عن دم مقلتي
 
و منها على نغم الحجاز مطلعها (من لصب بالهجر مرمى) و (يا عترة طه بكم الصب متيم)، و منها على نغم صبا مطلعها (خفت البلوى دوم نفرح)، و على نغم بياتي ديوان (ويحك يا نفس أطيعي) و (طه يا مالكي رفقاً يا مدركي)، و على نغم حجاز كار (لي فؤاد منّ لعلي) و (خلي ملامك يا عاذلي) و غير ذلك عشرات الموشحات ذات الألحان الجميلة التي كانت تنظم وتحفظ وتنشر في البلاد. وكانت قراءة الموشحات والأذكار النبوية تلتزم وجود فرقة كاملة من المنشدين الذين يساعدون في أداء النغم، يمرنهم الملا عثمان و يتخرج على يديه عدد من المنشدين الجيدين باستمرار و منهم من نال شهرة مثل الحافظ ملا مهدي الذي انتهت إليه رئاسة الأذكار النبوية في بغداد فترة من الزمن، و الشيخ محمد الملاح في الموصل، و الحاج محمد بن سرحان و هو قارئ و عالم من علماء الموصل. و اتصل عثمان الموصلي عندما كان في مصر بأقطاب المولوية و يحضر معهم جلسات الذكر بدافع حبه للموسيقى و انتسب بعدئذٍ إلى هذه الطريقة كما انتسب إليها ابنه احمد فكلفه أبوه بتعمير مسجد شمس الدين في الموصل ليكون تكية مولوية، ومركزاً لتجديد هذه الطريقة ونشرها في العراق. و افتتحها عام ١٩١٠ و شكل عثمان فرقة موسيقية تكون نواة لجماعة المولوية في الموصل، إلاّ أنها اضمحلت بعد الحرب العالمية الأولى.
 
يعد الملا عثمان من أقطاب الموسيقى في الشرق خلال الربع الأول من هذا القرن، و له فضل في تطويرها و إدخال التجديد عليها، ودرس الموسيقى على شلتاغ المشهور بغناء المقامات و على عبد الله الكركوكلي و غيرهما من أساتذة الفن. وكان صوت عثمان حلواً دافئاً من طبقة غليظة يشبه صوتي محمد رفعت و محمود صبح بل هو أضخم من صوتيهما و أجمل و لازم صوته الجميل قدرته الموسيقية العالية و كان للقائه بعبده الحمولي في مصر الأثر الكبير في تطوير قدرته الموسيقية و أخذ عبده الحمولي عن عثمان الموصلي الموشحات و مزجها بالأدوار المصرية ، و قد أدخل عثمان الموصلي إلى مصر نغمات الحجاز كار و النهاوند وفرعهما و كانت مجهولة في مصر.
 
و درس على عثمان الموصلي في مصر كل من كامل الخلعي، الذي أخذ منه الموشحات المقامة على الأوزان التركية والشامية، و الشيخ علي محمود، و هو أستاذ زكريا احمد. وأخذ سيد درويش عن عثمان الموصلي أصول الموشحات التركية و العربية، و احمد أبو خليل قباني الذي أدخل الفن إلى سوريا. و أخذ عنه كذلك في تركيا سامي بيك رئيس أكبر فرقة موسيقية تركية، و المغنية نصيب و قد أخذوا عنه الموشحات والغزل التركي. و مزج عثمان الموصلي بين الموسيقى العربية و التركية بإدخاله المقامات العراقية بالغناء التركي فكان يقرأ مقام البياتي و العشاق التركي على أسلوب مقام المنصوري الموصلي. و قد لحّن كثيراً من الأغاني و سجلها على اسطوانات. و قد بقيت أربع اسطوانات في حالة جيدة. الأولى من مقام الراست و الثانية من مقام المنصوري و الثالثة من مقام الشهري و يغني فيها أغنية من نظمه وتلحينه مطلعها (للعاشق في الهوى دلائل) و الرابعة من مقام السيكاه، ثم يعقبها بقوله: (يا أهل الحدباء، يا أغاتي يا عيوني، هذا القوان اسمعوه بعد موتي و أنا الملا عثمان و السلام عليكم
 
و نقل الملا عثمان إلى المقامات العراقية عن الموسيقى التركية مقام الديوان، ونقل عن موسيقى الجيش التركي نغمة تسمى (سيد هواسي) من مقام الرست و نظم عليها التنزيلة المشهورة (يا آل طه فيكم قد هام المضنى يرجوكم). و رفع من شأن الموسيقى في العراق و أدخل التجديد في أساليبها. و كان يميز بين الأنغام و يضبط المقام و يجيد العزف على آلتي العود و القانون بشكل متقن. و هو يعزف و يحفظ حروفها بالسماع و يخرجها عند العزف بأنصافها و أرباعها ، و له أسلوبه الخاص في غناء الأدوار المصرية، و هو في غنائه معبر يعطي صورة صادقة للكلمة عند غنائها و يجعلها تنبض بالحياة. و من الذي تلقوا فن الغناء والموسيقى على يديه في العراق محمد علي خيوكه، والد المغني حسن خيوكه، و حسين علي الصفو ،وهو من قراء المقامات في الموصل، و عبد الرزاق القبانجي والد محمد القبانجي و الحاج سلو الجزمجي و سيد احمد الموصلي و أخذ عنه قصيدة:
 
للعاشق في الهوى دلائل * لا يسمع من كلام عاذل
 
ومن ألحانه على نغم السيكاه الزهيري الذي مطلعه:
 
نار المحبة بنات ضمائري فاطمة
ورضيع صبري تعنّد بالهوى فاطمة
من حيث سحب التجافي و سيولها فاطمة
أصبحت كالحائر المبهوت في كربلا
 
ولحن على نغم السيكاه قصيدة عبد الباقي العمري التي مطلعها:
 
وأفتك يا موسى بن جعفر تحفه *  منها يلوح لنا الطراز الأول

ومن ألحانه الذائعة (يا خشوف العلى المچريه) و هي من نغم السيكاه. و قد أنشدت في المؤتمر الدولي للموسيقى العربية المنعقد في بغداد عام ١٩٦٤ تكريماً له. و كان عثمان الموصلي عالماً بالفلك و خطيباً شارك في المناسبات الوطنية و الدينية و يخطب ارتجالا لساعات. و قد برع الملا عثمان في التشطير و تخميس القصائد حتى لا يكاد المرء يفرق بين الشطر الأصلي من البيت و الشطر الجديد. و للملا عثمان شعر من لزوم ما لا يلزم التزمه بوضع أسماء السور القرآنية حسب ترتيبها في القرآن الكريم مضمنا فيها أبيات قصيدة يمتدح فيها الرسول الكريم و هي على نهج قصيدة البردة و قد أجاد فيها ولاسيما في اشتقاق المعاني من أسماء السور للحصول على معنى يمتدح به الرسول الكريم و قد نشرها في كتابه سعادة الدارين في عام ١٣١٨هـ.


للاستزادة ينظر في كتاب الملا عثمان الموصلي الموسيقار والشاعر المتصوف، ١٩٦٦. و كتاب موسوعة الموصل الثقافية، عثمان الموصلي، ١٩٩٢ ، للدكتور عادل البكري

***




***

عبقرية الضرير الجبار المرحوم ملا عثمان الموصلي العراقي

أدهم الجندي - أعلام الادب والفن

اصله ونشأته: هو الحاج عثمان بن الحاج عبد الله بن الحاج فتحي بن عليوي المنسوب الى بيت الطحان, ولد في بلدة الموصل سنة 1271 هجرية و1854 ميلادية وشاء القدر ان يعيش يتيما فتوفى والده قبل ان يبلغ السبع سنين, وقسى عليه الدهر ففقد بصره على صغره ولما ترعرع تولته العناية الالهية فرآه المرحوم السيد محمود العمري وتفرس به النجابة والذكاء وانه اهل للتربية والعطف فاخذه الى بيته وخصص له من يحفظه القرآن الكريم بصورة الاتقان مع ما ينظم الى ذلك من طيب الالحان فاتقنها كلها وحفظ ايضا جانبا وافرا من الاحاديث النبوية الشريفة والسيرة المحمدية ورتب له من يلقي عليه علم الموسيقى للاستقادة من مواهبه وصوته الحسن وحفظ من رقائق الاشعار وغرائب الآثار ما جمع فأوعى. كان سريع الحفظ لطيف اللفظ فنشأ قطعة من ادب وفرزدقة من لباب العرب. لقد كان رحمه الله ضريرا لكنه بكل شئ بصير, ينظر بعين الخاطر ما يراه غيره بالناظر وبقي في خدمة مربيه المرحوم السيد محمود العمري الى ان توفاه الله.

ذهابه الى بغداد: وكان المرحوم احمد عزت باشا العمري بن السيد محمود العمري اذ ذاك في بغداد فزارها ونزل عنده بعيد ويبدي وفاء للحقوق التي يبديها ولا يخفيها مترديا بظاهرها وخافيها, فتلقاه ملاقاة الاب والاخ فتهادته اكف الاكابر وحفت به عيون الاصاغر, وتجلت آيات نبوغه الكامن للعيان فاصبح في بغداد فاكهة الادباء والظرفاء واشتهر امره وذاع صيته بحسن صوته وقراءة المولد الكريم فاومض فيها برق اسمه وبقي في الزوراء تهب عليه ريح النعمة والرخاء حيث يشاء وامسى عند كل ذي جلدة ما بين الانف والعين وخلال مدة وجوده في بغداد حفظ صحيح الامام البخاري على المرحومين الشيح داوود وبهاء الحق الهندي المدرس الثاني في الحضرة العلوية, فكان يتقاضى على قراءة المولد النبوي مبلغ 50 ليرة عثمانية وهو مبلغ ضخم بالنسبة لذلك العهد وينفقها باجمعها على اصحابه والفقراء والمعوزين من الفنانين, وتحدث الناس بسخائه فكانوا يصفونه بانه اكرم من الغيث المنهمل على البطاح الظمأى. وسافر الى الديار المقدسة فادى فريضة الحج, ثم عاد الى مسقط رأسه الموصل وقرأ فيها القراءات السبعة على حيدرة العراق المرحوم محمد السيد الحاج حسن واخذ الطريقة القادرية من المرشد المرحوم السيد محمد النوري.

سفره الى الاستانة: وكانت نفسه صراعا بين القناعة والعيش في مجتمع محدود وبين الطموح للعيش في مجتمع اوسع مدى وحياة افضل تظهر فيها آيات مواهبه وعبقريته, قتوجه من الموصل راحلا الى الاستانة ونزل بغرفة في جامع نور العثمانية الكائن بحي (شنبرلي طاش) وقرأ في جامع أيا صوفيا الشهير جزءا من القرآن الكريم وكان من اعظم القراء المجيدين الذين اوجدهم الله في خلقه على الاطلاق, فأثر جمال صوته وروعة تجويده على مشاعرهم فأبكاهم وهرع اليه عظماء الاستانة من فضلاء وادباء وفنانين يستطلعون خبر هذا القارئ الضرير فطارت شهرته في الافاق واصبح قبلة المجتمع العلمي والفني وكان اول من التف حوله قراء الاتراك فاخذوا عنه علم التجويد, وتاق لرؤياه اكابر الامراء والعلماء والفنانين وغدوا يتهادونه ويدعونه الى حفلاتهم للاستمتاع بروائع فنونه, ولما رأى ما وصل اليه حاله من عز وتقدير لمواهبه طابت له الاقامة واستحضر عائلته من الموصل واستأجر دارا صغيرة واقعة بجوار جامع نور العثمانية واقام مدة طويلة في الاستانة كانت ايام عهده من عرر الدهر

رحلة الشتاء والصيف: ولما برزت آيات نبوغه تولع به عظماء العراق ونوابها في مجلس المبعوثين امثال محمد وشاكر وعلاء الدين وحسام الدين من اسرة الآلوسي المشهورة والشيخ يوسف السويدي وآل الحيدري والسيد محمد السكوتي والسيد ابراهيم الراوي شيخ الطريقة الرفاعية في بغداد رحمهم الله وهاموا بمواهبه  وبفنونه افتتانا فكانوا يأخذونه معهم الى استانبول في الصبف ويعودون به الى العراق عند موسم الزيارة في كربلاء ليقرأ لهم المراثي في اهل السبط الشهيد الحسين بن علي رضي الله عنهما وبرون بوجوده بالقرب منهم نعمة انعم الله بها على المجتمع, ويتمتعون بروائع فنونه ومواهب صوته الشجي وبلاغة شعره ونثره وطرائف نكاته وافانين احاديثه.

فنونه: لقد صدق المثل القائل (كل ذي عاهة جبار) فقد تعلق هذا النابغة الضرير بالفن الموسيقى فتعلم من تلقاء نفسه العزف على آلة القانون وهي كثيرة الاوتار صعبة المنال في ضبط مقاماتها, ثم تعلم العزف على الناي فأتى بغرائب الاعجاز, فكان لا يستعمل في قانونه العربات التى تستعمل عادة لاخراج انصاف الارباع, بل كان يتلاعب بانامله واطراف اظافره فيخرج النغمات سليمة شجية مما لم يسبق لغيره ان أتى بمثله. وتطاولت عبقريته على فناني الاتراك اللامعين فكانوا يرون انفسهم لا شيء بالنسبة لفنون هذا الضرير الجبار ويتسابقون لزيارته ويستقون من ورده الصافي اعذب الموشحات والالحان ويشهدون بانه تحفة عجيبة وهبها الدهر للناس لينعم بعبقريته البشر. ولما كان الفقيد النابغة شاعرا ضليعا باللغتين التركية والفارسية فقد شهد له شعراء الاتراك والعجم بانه اعجوبة الدهر

علاقته بالشيخ الصيادي الرفاعي: وتعرف في الاستانة على رجل الدولة وواحدها الصارم الهندي الشيخ ابي الهدى الصيادي الرفاعي ونال حظا وافرا من عطفه واخذ عنه الطريقة الرفاعية وكان الصيادي رحمه الله يهيم حبا واعجابا بفنونه وعلمه ويجل قدره ويعظم مواهبه ولا يسمح لاحد مهما علا شأنه من ضيوفه العظام بالتدخين في حضرته الا للضرير العبقري فقد (عرف الحبيب مكانه) فكان يتيه عجبا ودلالا ويدخن في حضرته ويتبسط بالحديث معه للاستمتاع بفصاحته وخفة روحة وفنونه ودرة طرائفه ويستوحش لفراقه وينتظر زيارته له بفارغ الصبر.

وزار مرة الفقيد المترجم الصيادي في تكيته وذلك في سنة 1903 فوجده قد انتهى من تأليف رسالة اسمها (خلاصة البيان) فوجم قليلا يستوحي النظم وقال مرتجلا يؤرخها:

والموصلي مرتجلا ارخها * خلاصة البيان مجدنا بها سنة 1320

واجتمع الموصلي بالصيادي في مجلس انس وطرب فجاءت قريحة الصيادي بنظم بيتين من الشعر الارتجال فقال:

قلت لما خفق القلب جوى * حين شامت قرطك الخفاق عيني
كنت لا تملك الا خافقا * فهنيئا لك ملك الخافقين

وقد لحنها الموصلى على البداهة وغناهما من مقام الحجاز كار, فبكى الصيادي من روعة صوته الرخيم ولحنه البديع

فاجعته بولده: لقد ابتلى الدهر الفنانين واكتنف حياتهم بنكباته ومآسيه, ومن درس تاريخ حياة النوابغ والعباقرة تحقق ان التنكيل بهم كان بالنسبة اليهم فواجع وأسى وحسرة والى البشرية نعمة وهدى ورحمة, اذ لولا تلك الفواجع لما كانت هناك اجفان مقرحة وقلوب ممزقة فعصرت الآلام قرائحهم فجادت بمعجزات بينات.

ومن هؤلاء العباقرة صاحب هذه الترجمة فقد ابى الدهر الا ان يمعن بالقسوة عليه فعكر صفو حياته وهو في ذروة عزه ومجده الفني فاختطف الموت فلذة كبده الوحيد (يونس) وهو في ريعان شبابه, وقد ذهبت الفاجعة بلبه وبقي ساكنا لا تدمع له عين ورثاه بالمراثي المؤثرة المبكية, وقد ظفر بقلوب عطوفة ومشاعر كريمة, فكان الناس اذ شاهدوا قسمات وجهه وقد اكتست بانطباعات الاسى والحزن شاطروه أساه, وكأن الاقدار التي لا ترحم قد استحالت الى ارواح حساسة فابتلته بهذه المصيبة ليحزن قلبه وتأتي قريحته ومواهبه بالخوارق

بدائع الحانه: هناك طائفة من الفنانين جهلتهم اجيالهم وبعد وفاتهم عرف الناس اقدراهم فغمروهم بالثناء والاجلال, لفد اشتهر هذا العبقري الخالد, ولكن احدا لم يكتب عنه ونسيه الناس, اما الدهر الذي اعتاد التنكيل بالفنانين ليجودا بنفائسهم فهو لا ينساهم ويخلدهم بآثارهم ومآثرهم.

لقد اكد الذين عاشروا هذا الجبار المارد في الاستانة ان الوسط الفني فيها كان في اوج عظمته في عهده, وقد تطاول هذا الضرير الغريب بعبقريته على فطاحل الفنانين الاتراك واستصغروا شأن انفسهم وفنهم بالنسبة لجبروته الفني, فقد تجمعت في هذا النابغة مواهب عز نظيرها بغيره كما سأوضح ذلك عند المقارنة بين افضلية عباقرة الفن ومواهبهم.

لقد كانت آيات صوته الشجي الرخيم وبلاغة نظمه وقوة الحانه وبراعة انشاده وعزفه على القانون والناي مضرب الامثال, وقد التف حوله مشاهير الفنانين الاتراك وفي طليعتهم سامي بك صاحب اكبر جوقة تركية شهيرة والمغنية التركية الذائعة الصيت بصوتها وفنها (نصيب) واخذوا عنه الكثير من الموشحات  والغزل التركي واقتتن الاتراك بفنونه فدانت لعبقريته المواهب, وقد رأيت للذكرى والتاريخ اثبات بعض موشحاته والحانه التركية ليطلع عليها عشاق الفن وهي اشهر من ان تذكر ويكفي للاستدلال على عظمة فنونه ان ابا خليل القباني الفنان الشرقي الاعظم والفنان المصري عبده الحامولي اخذوا عنه الموشحات والنغمات التركية في استانبول ومزجاها بالموشحات والادوار العربية, فقد كانت نغمات الحجاز كار والنهاوند وفرعهما مجهولة في مصر والبلاد العربية.

اما نظمه والحانه العربية الكثيرة فحدث عن روعتها ولا حرج, ولعمري فتاريخ حياته الحافل بالمواهب وحصر نبوغه اكير من ان يحصى ويوصف, ويكفي الالماع عن بعض الحانه وعظمة تاثيرها في النفوس ليدرك عشاق الفن ان هذا الضرير الجبار هو نابغة الزمان ولم يأت بين الشعراء والفنانين من قبل من يماثله في نبوغه المتشعب, وهيهات للدهر ان يجود بمثله.
لقد جرت العادة ان يهدي الملوك عند تسنمهم عرش الخلافة قطعات من الستار النبوي الى مقامات الصحابة والاولياء في الاقطار الاسلامية, ولقد اهديت قطعة منه الى مقام موسى بن جعفر الصادق رضي الله عنهما في بغداد, وقد احتفل بوضعها بمقامه الشريف فنظم شاعر العراق الاكبر المرحوم عبد الباقي الفاروقي في خريدة عصماء هذه بعض ابيات منها, وقد لحنها المترجم العبقري وغناها من مقام السيكاه فشق مرائر الوف الجموع المحتشدة لسماع صوته الرخيم وبدائع انشاده المؤثر:

وافتك يا موسى بن جعفر تحفة * منها يلوح لنا الطراز الاول
قد جاوزت قبرا لجدك فاكتست * مجدا له انحط السماك الاعزل
وتقدست اذ جللت جدثا ثوى * في لحده المدثر المزمل
طوبي لكم من وارثين فقد غدت * آثار جدكم اليكم تنقل

كان رحمه الله ضليعا في علم الاوزان والمرجع المكين في الايقاع, يهوى الاستماع الى الغناء الجماعي في انشاد الادوار والموشحات والقدود المرقصة ويرهف السمع الى ضروب الايقاع على (الدرنكات) ويفرض ان لا تقل عن عشرين (درنكة) عراقية وينقر فيها بالاصابع او القضبان الصغبرة كالنقرزان, فاذا شذ احد الضاربين واخطأ بضربة (دم أو تك) اثبته واشار بيده الى الخطأ الواقع, وكان شديد الوعي والحس يحيط بكل ما هو حوله ويعتمد في تلحين موشحاته من مختلف المقامات والاوزان على المهرة من ضاربي الايقاع. وهذا موشح رائع نظمه الشاعر الفاروقي وهو يتألف من احدى واربعين مقطعا لحن كل مقطع منه بنغمة ووزن وجعل المقطع الاول كلازمة من مقام البياتي الشوري ووزن السماعي الثقيل وجاءت نغمات المقاطع آية في الانسجام مع اوزانها:

من لصب كلما هبت صبا * هب من رقدته في فزع
واذا عن له برق اضا * اسعر الاحشاء في نار الغضا
ومضه يحكي الحسام المنتضى

وكان رحمه الله يحب نظم الغزل وهذا موشح من تخميسه والحانه الاصل للشاعر النحاس:

على ورد خديك آس اطل * فقلت قد اخضر روض الامل
ومذ رمت اقطفه بالقبل * حميت الاسيل بحد الاثل
اجل ما لحاظك الا اجل

صبيا عشقتك حتى اكتهلت * فطورا عدلت وطورا عذلت
وفي الحالتين لذذت على ما * فعلت بحبك لا بل ذللت
وحكم الصبابة ما لذ ذل

تثنيت تيها وانت الحبيب * وامرضت قلبي وانت الطبيب
ولما سعى بي اليك الرقيب * مللت وملت وانت القضيب
فمل كالقضيب وخل الملل

ولحن هذا النابغة ما لا  يحصى من الموشحات والمواويل على نغمات شتى, وهذا موشح صوفي من نظم الشيخ مهدي الرواس لم ينشر بعد وقد لحنه المترجم العبقري الاوحد من نغمة السيكاه:

اقلقت قلبي بالجفا * يا ايها الظبي الجفول
بالله انعم بالوفا * فالشمس مالت للافول

من وجهك الفجر استبان * والخصر ابدى غصن بان
ارحم وجد فالصبر فان * عني وجسمي في نحول

وهذا نموذج من موال عراقي زهيري مسبع من نغمة السيكاه نظمه احد اشراف سادات النعيم ولحنه المترجم ارتجالا:

نار المحبة نبات ضمائري فاطمة
ورضيع صبري تعند بالهوى فاطمة
من حيث سحب التجافي سيولها فاطمة
اضحيت كالحاير المبهوت في كربلا
وبلابل القلب مني بين كره وبلا
انا روحي اسيرة من يوم قالوا بلى
يا ابن العواتك دخيلك يا ابو فاطمة

شعره: كان قويا في نظم قوافي الشعر, انقادت لقريحته الجبارة البلاغة والفصاحة


***
 
الملا عثمان الموصلي
 - مير بصري

من اذكياء المكفوفين وآيات الفطنة وحسن التصرف, الملا عثمان الموصلي المولوي. كان حافظا مقرئا وموسيقيا شاعرا يجيد اللعب بالشطرنج والعزف على العود وآلات الطرب. هو عثمان بن عبدالله السقاء بن فتحي بن عليوي آل الطحان. ورجع الدكتور عادل البكري, الذي الف كتابا فيه سنة 1966, انه ابن عبد الله بن محمد بن جرجيس من البو علوان احدى فرق الدليم.

ولد عثمان بالموصل سنة 1854 لاسرة فقيرة, وفجع بوفاة والده وعمره سبع اعوام, وكان قبل ذلك قد اصيب بالجدري ففد بصره, وتعهده الوجيه محمود بن سليمان العمري بالرعاية, فهيأ له حفظ القرآن وتعلم مبادئ اللغة. ومضى بعد ذلك الى بغداد سنة 1881 بصحبة احمد عزت باشا بن محمود العمري ودرس على الشيخ داود النقشبندي وبهاء الحق. ودرس المقام واصول الغناء على مغني الموصل, ثم اتصل بالمشورين من رجال الفن في بغداد واخذ عنهم.

ذهب الى الحج ثم عاد الى الموصل سنة 1886, وقصد استانبول 1889, وقفل راجعا الى بغداد. وشد الرحال مرة ثانية الى قاعدة السلطنة والخلافة, وعرج على مصر سنة 1895 فلبث فيها خمسة اعوام طبع في اثنائها كتبه واصدر في القاهرة مجلة المعارف 1897. وفي سنة 1900 مضى الى استانبول, ثم قصد الشام وبقى فيها من سنة 1906 الى 190, وادى فريضة الحج ثانية, وعاد الى دمشق, ثم زار بيروت واستانبول ودمشق وحلب, حتى عاد اخيرا الى الموصل في حزيران 1913.

اخذ عنه فريق من المغنين والموسيقيين في مصر ودمشق, منهم الشيخ سيد درويش ومحمد كامل الخلعي وعلي محمود واحمد ابو خليل القباني, وعلت له شهرة في دار الخلافة في قراءة الموالد واحياء حفلات الذكر ومجالس الصوفية.

قدم بغداد في نيسان 1914 فعين شيخا للقراء بمدرسة جامع المرادية, وعرفت بغداد فضله, فكان محور حلقاتها وواسطة عقد انديتها والمجلي في محافل الانس والطرب. ذكره ابراهيم الواعظ في الروض الازهر بمناسبة عقد قرانه في تشرين الاول 1914 وقال:
ثم بعد ايام شرف حضرة بلبل القسطنطينية ومصر والشام والعراق, الذي ذاع صيته حتى علا الآفاق, الاكمل اللوذعي والشاعر الالمعي المولوي الملا عثمان افندي الموصلي حفظه الله الى دارنا, وبعد تلاوة عشر من الكلام القديم, قال مؤرخا عام القران وفي الابيات:

زفافك فرع المصطفى وابن مصطفى * زفاف على الزهر السواري به الفخر
توخيت شمس الفضل عن جعفر الهدى * غدت لك شمسا حيث انت لها البدر
شقيقك اسماعيل ابدي له الهنا * وذلك بعدي حيث لي عندكم ذكر
بعرسك هتان المنى قال أرخوا: * زفافك ابراهيم, شح به خير

وقامت الثورة العراقية سنة 1920 فكان للملا عثمان مواقف فيها محمودة شعرا وخطابة, وادركته الوفاة ببغداد في 30 كانون الثاني
1923

وقد اقيم له تمثال في مسقط رأسه الموصل سنة 1970. رثاه عند وفاته عبد الرحمن البناء بقصيدة مطلعها:

رحلت والصدر بالايمان ملآن * في ذمة الله شيخ العلم عثمان

مؤلفاته:

من مؤلفاته المطبوعة في استانبول والقاهرة: الابكار الحسان في مدح سيد الاكوان 1895, تخميس لامية البوصيري 1895, المراثي الموصلية 1897, مجموعة سعادة الدارين 1898. ونشر ايضا: الاجوبة العراقية لأبي الثناء الالوسي 1890, الترياق الفاروقي (ديوان عبد الباقي العمري الفاروقي 1898) الخ

قال عثمان الموصلي يمدح يوسف السويدي:

سلمنا الخطوب ونلنا المرام * ومقدامنا حل دار السلام
تناديه اربابنا مرحبا * واهلا وسهلا بمروي الاوام
بآبائه ضاء نور الهدى * وفيه سنحظى بصفو المقام

وقال فيه ايضا:

رسالة البرق قد جاءت مبشرة * اهدت الينا سرورا اخر الزمن
انجى الاله عزيز المصر وانكشفت * عنه الظنون وخابت فرقة الغن

ومن شعره الصوفي قال:

بني المصطفى قلب المتيم قد ابدى * لكم فرط وجد لا لسلمى ولا سعدى

وقال:
قلبي بحبكم والله قد جذبا * وظل فيكم عن الاغيار محتجبا

ذكره الدكتور مصطفى جواد في بحث عن الغناء والمغنين في العراق فقال: وملا عثمان الموصلي الضرير كان من اعلام المغنين والموسيقارين, وله فيها تأليف ويحسن قراءة المولد النبوي. وكان من الخطباء المصاقيع في الحركة الوطنية بالعراق. ادركته وكان يضع على رأسه القلنسوة المولوية البيضاء من اللبد, توفي قبل عدة سنين

وقال هاشم محمد الرجب استاذ المقام العراقي في معهد الفنون الجميلة ببغداد:
الشيخ عثمان الموصلي وهو امام اهل الفن في هذا المضمار (اي مضمار المقام العراقي) يبتدع القطعة ببراعة في الاسلوب ودقة في الاداء. يجيد الغناء بأفانينه, يرتجل الشعر الرصين في المناسبات حسب البحور اللازمة لكل مقام, كما يحسن الضرب على العود والنفخ بالناي والعزف على القانون, وهو كفيف

وذكره ايضا ابراهيم الدروبي في كتابه البغداديون اخبارهم ومجالسهم باسم الشيخ عثمان البصير, فقال عنه انه كان يتولى تدريس علم التجويد والقراءات في جامع الخفافين ببغداد ثم قال: وكان حسن الصوت والاداء يخلب الالباب ويسحر العقول بنغماته الشجية, فضلا عن كونه كان عالما فاضلا وشاعرا, وله المام في الموسيقى, وكان يحسن قراءة المولد النبوي

حدثني محمود صبحي الدفتري عن ذكاء الملا عثمان الموصلي فقال انه كان يعرف الناس من صوتهم او لمسة يدهم

قال الدفتري: سافر ابي فؤاد الى استانبول سنة 1905 فكان يجتمع دائما بصديقيه موسى كاظم الباجه جي ووفيق الربيعي, فيأخذون الملا عثمان الى بعض الاندية او المقاهي ويتمتعون بفكاهته ولطائفه. وذهبوا مرة الى المسجد الذي كان يعظ فيه ويقرأ الاذكار, فلما اطال واسهب, نبهوه الى وجودهم, فقال منغما في اثناء ترتيله: يا فؤاد, يا موسى, يا وفيق, انني انتهي قريبا, فانتظروني. وحسب الاتراك الموجودون في المسجد ان ذلك من جملة التراتيل فكانوا يردون على اقواله: آمين, آمين

ولم يلتق محمود صبحي نفسه بملا عثمان الا في سنة 1920. كان يسير بصحبة احد اصدقائه فتقدم محمود صبحي وسلم عليه وصافحه قائلا انني اتشرف برؤيتك لاول مرة, ايها الملا المحترم, ولكنني سمعت عنك الكثير من والدي. وتمايل جسمه يمينا ويسارا على عادته حين يفكر, ثم قال على البديهة:

اوراق اخلاصي اذا ما كتبت * تنشر في البلدان حسن الاسطر
كلها محفوظة في مهجتي * ومهجتي عند فؤاد الدفتري

***


الملا عثمان الموصلي (1271 - 1341 ه‍ = 1854 - 1923 م) عثمان بن عبد الله بن فتحي بن عليوي، المنسوب إلى بيت الطحان، الموصلي المولوي: قارئ، عالم بفنون الموسيقى، له شعر حسن. ولد في الموصل، وكف بصره صغيرا، وانتقل إلى بغداد، وزار دمشق والقسطنطينية ومصر. وحج وعاد إلى بغداد، فتوفي فيها. كان يجيد القراءات العشر، وأصدر في مصر مجلة سماها " المعارف " لم تطل حياتها. وكانت له مواقف وطنية محمودة في الثورة العراقية، شعرا وخطابة. كان يجيد الضرب على العود والعزف ببعض آلات الطرب، واللعب بالشطرنج. له " الابكار الحسان في مدح سيد الأكوان - ط " و " تخميس لامية البوصيري - ط " و " مجموعة سعادة الدارين - ط " و " المراثي الموصلية - ط " 

الاعلام - خير الدين الزركلي


***


عثمان الموصلي
 نحو 1854 ـ 1923

الموسوعة العربية
صميم الشريف

عثمان بن عبد الله الطحان الشهير بالموصلي موسيقي عراقي، ولد في مدينة الموصل وتوفي في بغداد. مات أبوه وهو في السادسة من عمره، وفقد بصره قبل أن يبلغ الحلم. احتضنته واعتنت بتربيته وتعليمه أسرتا محمود العمري وعبد الباقي الفاروقي الموصلي، فحفظ القرآن الكريم والسيرة المحمدية والأحاديث النبوية، وكثيراً من الشعر الصوفي، وأتقن أصول التجويد والأناشيد الدينية. ثم عكف على دراسة اللغتين الفارسية والتركية فأتقنهما، ومال إلى الموسيقى، فدرس علومها الشرقية ومقاماتها ونغماتها، وتعلم ذاتياً العزف بالقانون والناي، وكان صوته الجميل ينبئ بالمستقبل الوضاء الذي ينتظره

أخلص الموصلي لمربيه محمود العمري وظل وفياً له حتى وفاته، فركبه حزن وهم شديدان لم يبددهما سوى رحيله إلى بغداد حيث حل ضيفاً على أحمد عزت باشا بن محمود العمري الذي فتح له أبواب المجتمع البغدادي الذي تلقفه إعجاباً بصوته وحباً بفنه وإنشاده الرائع للقصة الشريفة، والمقامات العراقية حتى صار المنشد الأول في الحضرة الكيلانية والتكايا والمساجد، وفي احتفالات الموالد الدينية في البيوتات الكبيرة. وفي أثناء إقامته في بغداد اتصل الموصلي بالشيخ داوود، والشيخ بهاء الدين الهندي ـ المدرس في الحضرة العلوية ـ فحفظ عنهما «صحيح البخاري» وقرض الشعر والموشحات باللغات الثلاث (العربية والفارسية والتركية) التي لحَّنها وغنَّاها فجمع من وراء ذلك ثروة أتاحت له أداء فريضة الحج. عاد بعدها إلى الموصل فدرس التجويد بالقراءات السبع، وقرأها في «حيدرة» محمد السيد الحاج حسين أمام جمهور كبير، ثم اتصل بعد ذلك بالشيخ محمد النوري (مرشد الطريقة القادرية) وأخذها عنه

في أوائل العقد التاسع من القرن التاسع عشر، توجه عثمان الموصلي إلى الأستانة (إصطنبول) التي كان تواقاً لزيارتها، فأقام في غرفة متواضعة في جامع «نور العثمانية» في حي «شنبرلي طاق» قبل أن يعينه السلطان عبد الحميد الثاني المعجب به رئيساً للمحفل الديني في جامع آيا صوفيا، ومعلماً للقراء الأتراك. طاب له العيش في إصطنبول فأرسل وراء أسرته يستدعيها بعد أن أستأجر داراً صغيرة قرب جامع «نور العثمانية» وتعرف رجل الدولة الكبير الشيخ أبا الهدى الصيادي الرفاعي وأخذ عنه الطريقة الرفاعية، ولحن له وغنى في أحد مجالس الطرب بيتين من الشعر ارتجلهما الصيادي في ساعته من مقام الحجاز كار هما:

قلت لما خفق القلب جوى حين * شامت قرطك الخفاق عيني
كنت لا تملك إلا خافقاً * فهنيئاً لك ملك الخافقين

التقى الموصلي أهل الطرب والموسيقيين الكبار مثل جميل بك الطنبوري، وسامي بيك، والمغنية التركية الشهيرة (نصيب) فلحن لها عدداً من الموشحات والأغنيات الغزلية، وسجل بصوته ـ من دون مرافقة موسيقية ـ على أسطوانات بعض الأناشيد الدينية والابتهالات، وعدداً من الأغنيات بالتركية والعربية بمصاحبة موسيقية من جميل بك الطنبوري.

سافر الموصلي إلى سورية عام 1906، فزار مدنها قبل أن يستقر في دمشق، ودعي إلى حضور ختان أولاد عبد الرحمن باشا اليوسف الأربعة، وقرأ أمام حشد كبير من وجهاء دمشق وأعيانها قصة المولد النبوي، أعقبها مرتجلاً أربع قصائد خص كل واحدة منها لولد من أولاد اليوسف، وختمها بقصيدة طويلة في مدح أبيهم، ثم انبرى إلى قانونه فعزف وغنى موشح ابن سهل:

يا ليالي الوصل في نادي الصفا * هل لك اليوم من رجوع

فكافأه عبد الرحمن اليوسف بمئة ليرة ذهبية.

لم تقتصر إقامة عثمان الموصلي على الحفلات والدعوات، بل تعدتها إلى زيارة التكايا والزوايا الخاصة بالقادرية والرفاعية والجباوية والنقشبندية، ولاسيما المولوية التي ظل رئيسها في الموصل لغاية وفاته. وفي أثناء ذلك تتلمذ على يديه كثيرون من قراء دمشق، وظل كذلك إلى أن سافر إلى بيروت فأقام فيها ثلاثة أشهر نظم في أثنائها عدداً من القصائد وخمّس قصيدة البوصيري الشهيرة «جاء المسيح من الإله رسولا»، وسماها «الهدية الحميدية الشامية على القصيدة اللامية في مدح خير البرية» ومطلعها:

سجعت بلابل صحفه وترنحت * سكرى عن أوصاف طه أفصحت
ظلمات نكر الخصم مهما لوحت * فالأرض من تحميد أحمد أصبحت
وبنوره عرضاً تضيء طولاً

ثم سافر الموصلي إلى مصر والتقى فيها رجال الدين والأدباء والفنانين، وجرت بينه وبينهم مساجلات ودية وفنية، تحدث عنها الموسيقي كامل الخلعي في كتابه «الموسيقى الشرقية» معدداً بعض مآثره الدينية والموسيقية. وأخذ عنه القراء والفنانون أحكام التجويد، وبعض المقامات التركية وأوزانها وضروبها. واتصل به سيد درويش ودرس على يديه أصول تلحين الموشحات، إلى أن قفل عائداً إلى إصطنبول، التي غادرها في عهد السلطان رشاد عام 1912. ونزولاً عند رغبة عدد من وجهاء العراق وأعيانها الذين جاؤوا إلى إصطنبول لحضور اجتماعات «مجلس المبعوثين» منهم عميد أسرة الآلوسي، والشيخ يوسف السويدي، والشيخ إبراهيم الراوي (رئيس الطريقة القادرية) وغيرهم؛ عاد وأسرته إلى الموصل، ثم استقر في بغداد في جامع الصاغة إلى آخر حياته.

مؤلفاته

ألف عثمان الموصلي عدداً من الكتب ذات الموضوعات المختلفة منها كتاب «أبيض خواتم الحكم في التصوف»، وكتاب «الطراز المذهب في الأدب» وكتاب «نباتي» و«الأبكار الحسان» و«التوجع الأكبر بحادثة الأزهر»، إضافة إلى جمعه وتنقيحه ديوان الشاعر عبد الباقي الفاروقي «الترياق الفاروقي».

ألحانه

من أشهر ألحانه الدينية القصيدة التي نظمها عبد الباقي الفاروقي بمناسبة إهداء السلطان قطعة من قماش الستار النبوي لمرقد الإمام موسى بن جعفر الصادق في بغداد مطلعها:

وافتك يا موسى بن جعفر تحفة * منها يلوح لنا الطراز الأول
قد جاوزت قبراً لجدك فاكتست * مجداً له الخط السماك الأعزل

ولحن له أيضاً موشحاً يتألف من واحد وأربعين مقطعاً، جعل لكل مقطع منه نغمة ووزناً، المقطع الأول منه على مقام البياتي الشوري، ووزنه سماعي ثقيل، جعله بمنزلة مذهب يعاد غناؤه بعد كل مقطع:

من لعب كلما هبت صبا * هب من رقدته في فزع
وإذا عن له برق أضا * أسعر الأحشاء في نار الفضا
ومضه يحكي الحسام المنتضى

كذلك لحن موشحاً صوفياً للشيخ مهدي الرواس من مقام السيكاه مطلعه:

أقلقت قلبي بالجفا * يا أيها الظبي الجفول
بالله أنعم بالوفا * فالشمس مالت للأفول

من وجهك الفجر استبان * والخصر أبدى غصن بان
ارحم وجد فالصبر فان * عني وجسمي في نحول

ولحّن في باب الغزل كثيراً من القصائد والموشحات منها قصيدة لـ«ابن النحاس» خمّسها ولحنها وغناها ومطلعها:

على ورد خديك آس أطل
فقلت قد اخضر روض الأمل
ومذ رمت أقطفه بالقبل
حميت الأسيل بحد الأثل
أجل، مالحا ظك إلا أجل

وإضافة إلى هذا، لحن الموصلي وغنى عدداً كبيراً من الموالات و«البستات» ـ جمع بستة ـ (وهي كلمة فارسية تعني الأغنية الخفيفة «الطقطوقة». وقد جرت العادة أن يختتم المغني بها المقام العراقي (غير الديني)، وكان أسلوبه في التلحين يعتمد في بنائه على الإيقاع. وفي أثناء إقامته في إصطنبول أسس عثمان الموصلي مدرسة خاصة به، علَّم فيها علوم الموسيقى الشرقية والمقامات والأوزان والإيقاعات، والعزف بآلات القانون والناي والدفوف، وإنشاد الأدوار والموشحات والقدود.

مراجع للاستزادة:

ـ سلمان شكر داود، محاضرة عن المقامات العراقية في المؤتمر الموسيقي (فاس ـ المغرب، نيسان 1969
ـ أدهم الجندي، أعلام الأدب والفن (مطبعة مجلة صوت سورية، 1954
ـ صالح المهدي، الموسيقى العربية (الدار التوفيقية للنشر، تونس 1979


***

ملا عثمان الموصلي
 أ.د. عادل البكري

 كانت المرة الاولى التي التقيت فيها بالنابغة العبقري عثمان الموصلي عام 1964 عندما كنت ادرس القراءات السبع على شيخ القراء في الموصل المرحوم محمد صالح الجوادي. ولم يكن ذلك لقاءا بالمعنى المعروف لانني قد ولدت بعد وفاته بسبع سنين. ولكن الشيخ الجوادي اخبرني مرة انه اخذ اجازة القراءات العشر عن المرحوم الملا عثمان الموصلي وحكى لي بعض اخباره وقصصه فتجمعت لدي معلومات عنه وكان ذلك هو اللقاء الذي عنيته

 ومضت الاعوام وانهيت دراسة الطب عام 1956 وفتحت عيادة لي وكان يوم من ايام عام 1959 لم اجد الا ورجال الامن ياخذوني من عيادتي مغفورا لاعتقالي في سجن (ابو غريب) وهناك التقيت مع المرحوم عبد الجواد الجوادي الذي اعتقله الشيوعيون ايضا للسبب نفسه وهو دفاعنا عن عروبتنا وديننا. وكان من جملة ما نتحدث به اخبار الموصل فذكر لي اسم عثمان الموصلي الضرير الذي ملأ الدنيا باخباره. وعندئد استعدت المعلومات التي اخبرني بها شيخي محمد صالح الجوادي من قبل. فقررت ان اكتب عن هذا الرجل

 ومضيت ابحث في الصحف والمجلات الصادرة في عهده واتصل بالمعمرين من الادباء وذوي الخبرة . وانتهيت بعد سنين من البحث الى تاليف كتابي الاول الذي بعنوان (عثمان الموصلي الموسيقار الشاعر المتصوف) والذي صدر عام 1966 من القرن الماضي واتبعته بكتابين اخرين عنه في فترات متباعدة. كان لصدور هذا الكتاب الذي صدر بمساعدة المجمع العلمي العراقي صدى واسع في اوساط المثقفين واعلام الموسيقى والفن ولقي قبولا حسنا في البلاد العربية. وقال احد المعنيين بالامر انني اخرجت هذا العبقري من قبره ونفضت الغبار عنه . فلم يكن احد انذاك يعلم تفاصيل حياة عثمان الموصلي وكان القليل من سمع باسمه

 وادى ظهور الكتاب الى انطلاق عدد كبير من المؤلفين والكتاب للكتابة عنه وكان مصدرهم الوحيد على الاطلاق هو هذا الكتاب الاول. وظهر اسم عثمان الموصلي في كل مكان وسميت محلات كثيرة باسمه ومنها قاعة في معهد الفنون الجميلة ببغداد وشارع في الموصل وحي باكمله (حي عثمان الموصلي). واقيم له تمثال في هذه المدينة سعيت انا مع المحافظة لاقامته وكنت المشرف على تصميمه وهو قائم يتحدى الزمن . وقد وضعوا اسم كتابي على قاعدته (عثمان الموصلي الموسيقار الشاعر المتصوف). وظهرت عشرات المقالات والابحاث في الصحف والمجلات عن عثمان الموصلي وكلها تاخذ من مصدر واحد هو كتابي المذكور وتشير الى المصدر ماعدا بعض الذين يخالفون العرف الادبي ولا يشيرون الى المصدر ويدعون انهم معلوماتهم الخاصة عنه فينشرونها باسمهم

 لقد تضمن كتابي معلومات مستفيضة عن نشاة عثمان الموصلي منذ ولادته وعندما اصيب بالعمى وعطف محمود افندي العمري عليه . ثم دراسته الاولى في قراءة القران والمقامات الصوتية والموسيقى . وانتماءه عند بلوغه الى الطريقة القادرية وسفره الى عاصمة الخلافة العثمانية والتقائه بشيخ مشايخ الطرف الصوفية ابي الهدى الصيادي واخذه عنه الاجازة بالطريقة الرفاعية ثم دخوله قصر السلطان عبد الحميد ليكون المقرئ والمنشد له فنال عطفه مع تعيينه استاذا للموسيقى في احد معاهد العاصمة استانبول . ولقد ترك الشيخ عثمان بصماته الفنية على الموسيقى التركية حتى ان دار الاذاعة التركية سجلت له عدة الحان باسم (طرز الحافظ عثمان الموصلي) وكانت تذيعها باستمرار من الاذاعة التركية

 وسافر الموصلي الى مصر مرتين نال في الاولى الاجازة بالقراءات العشر اما السفرة الثانية وكانت عام 1895 والتي استمرت خمسة سنوات فقد اصدر خلالها مجلة (المعارف) وكان يومئذ صحفيا الى جانب كونه سياسيا مندوبا عن السلطان العثماني ومؤلفا لعدد من الكتب واستاذا للموسيقى يلتف حوله عدد من كبار الموسيقيين مثل كامل الخلعي والشيخ علي محمود مغني الادوار المصرية والموشحات والشيخ احمد ابو خليل القباني الذي هو من اقطاب الموسيقى والمسرح في مصر وكان من ابرز هؤلاء سيد درويش نابغة الموسيقى المصرية وقد درس عليه في دمشق واقتبس منه عدة الحان مثل لحن اغنية (زورني بالسنة مرة) التي غنتها فيروز وكذلك اغنية (شمس الشموسة) التي يقول عنها المؤرخ حامد البازي انها اغنية بصرية لحنها الملا عثمان في البصرة وغنتها المغنية البصرية (طيرة) على يخت الشيخ خزعل امير المحمرة الذي كان راسيا في شط العرب بالعشار بحضور الشيخ خزعل نفسه . وحامد البازي هو مؤرخ البصرة واحد ادباءها وقال في جريدة القادسية الصادرة في 7/7/1988 ان الشيخ عثمان زار البصرة مرتين بعد الانقلاب العثماني ولقي فيها الكثير من الحفاوة والتكريم واتصل بعلماء البصرة ووجهاءها والفنانين فيها وقد اكرم طالب باشا النقيب الذي كان مرشحا لعرش العراق قبل الملك فيصل الاول الملا عثمان واقام له الحفلات والدعوات

 وينقل المؤرخ البازي ان الشيخ عثمان غنى على مسرح (اولكه) اغنية من نغم الرست . كما يقول انه كان يجهل ان الملا عثمان يعلب الشطرنج رغم فقدانه الرؤيا حتى سمع ان السيد طالب باشا النقيب اصطحبه الى دار ابن زينب ليلعب الشطرنج هناك. وبالاضافة الى هذه المواهب في القراءات القرانية والتصوف وقراءة الموشحات والموسيقى والغناء ونظم الشعر والسياسة والصحافة والتاليف ونظم التاريخ الشعري والسياحة عند هذا العبقري فقد كانت له موهبة اخرى وهي معرفة الاشخاص بمجرد تحسس اياديهم او سماع كلمة منهم رغم عاهة العمى عنده

 وجاء في حديث للمرحوم محمود صبحي الدفتري انه كان يسير امام مدخل السراي في بغداد فراى من بعيد الملا عثمان قادما ويصحبه رئيس كتاب الاوقاف . قال الدفتري فاشرت الى هذا الشخص ان لا يخبر الملا الموصلي بمجيئي ثم تقدمت من الملا عثمان وحييته مادا يدي لمصافحته فاخذ يتلمسها كعادته. فبادرته بقولي (هذه اليد لم يسبق لها ان تشرفت بمصافحتك). فبقي ساكتا برهة وبعد لحظات انطلق يقول هذين البيتين : اوراق اخلاصي اذا ما سطرت تنشر في الافاق حسن الاسطر وكلها محفوظة في مهجتــي ومهجتــي عند (فؤاد الدفتري) وفؤاد الدفتري هو والد محمود صبحي الدفتري هذا

 ونظرا لتالق الشيخ عثمان بعد نشر كتابي عنه قررت مديرية الاذاعة والتلفزيون تقديم مسلسل اذاعي عنه ليذاع خلال شهر رمضان الذي كان سيحل بعد ايام . فتم العمل واختير المرحوم الفنان القدير كنعان وصفي ليقوم بدور عثمان واذيع المسلسل من ثلاثين حلقة من دار الاذاعة العراقية وكان مسلسلا ناجحا. وانجزت تاليف الكتاب الثاني عن هذا النابغة بناءا على تكليف وزارة الثقافة والاعلام لي فقد طلبت مني الوزارة ان يكون الكتاب بشكل قصة متتابعة الاحداث ليعرض في حلقات بمسلسل تلفزيوني هذه المرة. وانتهيت من تاليف الكتاب الثاني هذا بعنوان (عثمان الموصلي قصة حياته وعبقريته) وكنت قد ادخلت فيه بعض الاضافات التي اطلعت عليها. وقدمت الكتاب بعد صدوره الى المسؤولين في مديرية التلفزيون فجرى العمل على وضع السيناريو من قبل الكاتب القصصي الاديب عبد الاله حسن وتم اختيار الممثلين وكنت انا المشرف التاريخي على المسلسل . وقام الصديق الموسيقار الفنان سالم حسين استاذ القانون في معهد الفنون الجميلة باعداد الموسيقى والاغاني وقد اخرج هذا المسلسل الجميل المخرج الراحل جاسم شعن . وعرض المسلسل في تلفزيون بغداد في ثلاثة عشر حلقة وكان مسلسلا ناجحا حيث انهالت الطلبات من الفضائيات التلفزيونية العربية لنشر المسلسل غير ان دخول الجيش العراقي الى الكويت حال دون ذلك. فضاع هذا المسلسل الرائع مع ما ضاع وسرق واحترق. وحبذا لو قامت قناة (سما الموصل) بوضع مسلسل جديد عن عثمان الموصلي ويعرض من القناة الفضائية

 وجاء دور الكتاب الثالث الذي اصدرته عن هذا النابغة فقد الفت هذا الكتاب الذي بعنوان (مع عثمان الموصلي وقيثارة النغم) وقامت وزارة الاعلام بطبعه ونشره بمناسبة مرور خمسين سنة على وفاته. وبهذه المناسبة اقامت الوزارة المهرجان الذهبي له في قاعة الخلد ببغداد بتاريخ 1/2/1973 وهو مهرجان فخم حضره جمع كبير من اعلام الفن والموسيقى والادب وشخصيات من خارج العراق . وغنى في حفلة الافتتاح مطرب العراق الكبير المرحوم محمد القبانجي من شعر من نظمه وتلحينه . جاء فيه :

 عثمان يا خالق الانغام ليلتنــا طابت بذكرك
 من عذب التلاحين اني احييك من روحي
 ومن نغمي تحية من فؤادي بعد خمسيـــن

 وفي الموصل اقمنا في اواخر الستينات من القرن الماضي احتفالا في منطقة الغابات في ذكرى عثمان الموصلي وكان بتوجيه مني شاركت في فرقة الملا عثمان وقدمت بعض الموشحات والاغاني من نظم الشيخ عثمان وتلحينه. وندوة اخرى اقامتها كلية الاداب في جامعة الموصل يوم الثلاثاء المصادف 8/4/2008 جرى فيها تكريم هذا العبقري بالقصائد والخطابات والابحاث وتوزيع الشهادات التقديرية للمشاركين في الاحتفال. وقد نظم الشاعر المعروف الشيخ علي حامد الراوي قصيدة من اكثر من عشرين بيتا قال انها مهداة
الى مؤلف سيرة عثمان الموصلي وهو كاتب هذا البحث جاء فيها

 انت يا عثمان زدها نغمـــة واملأ الاسماع من حسن الاداء
 (عادل البكري) اوفى سيـرة بكتاب فيه ذكرى ووفـــاء

 والكتاب الثالث الذي اصدرته عن عثمان الموصلي وذكرته قبل قليل كان قد ضم مجموعة من الاغاني والموشحات والنوادر والطرائف
عن هذا الضرير الجبار (كما كان يدعى) مع نبذة عن سيرته وتاريخ حياته

 ومن هذه الاغنيات والموشحات ما اخبرني به المرحوم علي الدبو احد رواد الفرقة الموسيقية في دار الاذاعة العراقية فقال ان موشح (غدا يشفع لي التهامي) اصبح اغنية من مقام السيكاه هي (ليش حارمني منامي)
 وموشح (صاحب اسال من ذوي العرفان) صار اغنية شائعة في سوريا هي (آه مشعل) من نغم الحجاز
 وموشح (احمد اتانا بحسنه سبانا) في مدح الرسول اصبح لحنا لاغنية (اسمر ابو شامة) من نغم البيات
 وكذلك موشح (صلاة الله ذو الكرم) اصبح لحنا لاغنية (قدك المياس ياعمري) الشائعة في سورية. وموشح (يا صفوة الرحمن سكن فيكم غرامي) انقل الى اغنية (ربيتك صغيرون حسن) من نغم البيات هذا اضافة الى اغاني اخرى شائعة مثل اغنية (فوك النخل فوك) وغيرها من الاغاني التي تنسب اليه
 وقد سئل المرحوم ناظم الغزالي عن لحن (يا ام العيون السود) ممن اخذه؟ قال انه اخذه من لحن قديم من الحان عثمان الموصلي

 وهكذا كانت الحانه تذاع واشعاره تنشر وطرقه الصوفية تقام لها التكايا . وكان تلاميذه في القراءات يتلون الكتاب العزيز على طريقته وكانت اخباره وطرائفه يتناقلها الادباء . ومؤلفاته متوفرة في المكتبات

.هذا هو عثمان الموصلي العبقري الضرير الجبار الذي انجبته الموصل


***

العلامة عثمان الموصلي
 المحامي ميسر بشير

 قد كفانا الدكتور عادل البكري – لا أخلى االله مكانه - عن الكتابة عن الملا عثمان الموصلي وذلك بكتابه الذي ألفه عنه وبطبعته الثانية المزيدة والمنفتحة، ولكي أريد في هذه العجالة أن أذكر خبرين سمعتهما بنفسي من تلميذين من تلاميذه لمـا فيهمـا مـن الطرافة

 ١- سمعت من الشيخ عبد القادر الخطيب يقول: كنت أدرس علم القراءات علـى المـلا عثمان في جامع الخفافين ببغداد فزار الشيخ رجل من أشراف الموصل فاحتفى بـه ثـم أخذ سبحته وأخذ يتمتم وفي نفس الوقت كان يصغي إلي ويصوب لي ما أقراه وبعد قليل مدح الرجل ببيتين من الشعر فيهما تاريخ قدومه إلى بغداد قال الشيخ عبد القادر فعجبت منه كيف كان يصغي إلي منصرفاً بفكره سامعاً ومصححاً وعلى الرغم من ذ لك كان ينظم الشعر وفيه حساب التاريخ

 ٢- كما سمعت من تلميذه المرحوم محمود الهاشمي يقول لما ذهبت إلى المـلا عثمـان لأدرس عليه علم القراءات السبع، سألني هل تتقن الغناء؟ فأجبته نعم، قال حـسناً تعـال منذ الغد للدرس، قال فكنت آتيه بعد صلاة الفجر إلى جامع الخفافين الذي كان يسكن فيه فإذا أخذته سِنَةٌ من النوم بعد صلاة الفجر أيقظته ويعطني مبلغاً من المال لاشـتري له طعام الإفطار، وبعد الإفطار نجلس في المقهى -الذي بباب الجامع - فنـشرب الـشاي والقهوة، ثم ندخل الجامع ونبدأ بقراءة الفاتحة، وبقينا على تلك الحالة مدة شهر كـاملاً لا نقرأ غير الفاتحة، وبعد الشهر دخل الملا عثمان الخلاء وخرج يتأفف فقلت له : ما بك يا شيخي؟ فأجابني: وقع أمزكي في المرحاض وأريد من يخرجه، فقلت له إنه أقل مـن أن تقلق بِشأنه، وأنا أجد لك خيراً منه، فقال :إني معتز به وليس لي حاجة بغيره، وحيذا لو أخرجه لي، قال : السيد محمود: فخلت ملابس الخارجية وأخذت "ماسة" وأخرجته ثـم غسلته وقدمته له، فقال: من أخرجه؟ قلت: أنا, قال: أكسره وارم به فلم تعد لي حاجـة به، قلت: فلم أتعبتني بإخراجه؟ قال: أردت أن اختبر مدى طاعتك لأستاذك، ومـدى صبرك، ثم قال: الآن أنا آتيك إلى بيتك لالقي عليك الدرس، قال السيد محمود ومنذ ذلـك اليوم كان هو الذي يجيئني للبيت ويلقي علي الدرس

 ٣- المعروف أن الملا عثمان كان يحفظ صحيح البخاري فهل كان يحفظـه بأسـانيده أم بمتنه فقط؟ سمعت المرحوم محمود الهاشمي يقول: زرت الملا عثمان فوجـدت عنـده صـحيح البخاري بأجزائه كلها، فقلت له: ماذا تفعل به ومن يقرأه عليك؟ فقال وهو يتبسم أفتح أي جزء من هذه الأجزاء أقرأ لك من أي مكان شئت، قال فأخذت أحد الأجـزاء وفتحتـه وقلت اقرأ الباب الفلاني، قال: فاخذ يقرأ الأحاديث بأسانيدها ثم أردف قائلاً كـان المـلا عثمان يحفظ صحيح البخاري اجمعه مع الأسانيد. قلت وهذا شيء عجيب فحفظ الأحاديث من الأسانيد ممـا لا يـستطيعه إلا الأفـذاذ لتشابه الأسماء واختلاف الروايات وتشعبها، واالله يزيد في الخلق مـا يـشاء سـبحاه وتعالى. أسوق هذه الروايات كما سمعتها من مصدرها

 ٤- ذكر المرحوم العلامة علي الطنطاوي في ذكرياته الجزء الأول الطبعة الأولـى ص ٣١ ما يلي: في الشام مكفوف من نوادر المكفوفين من الرجال، حافظ لكتاب االله أديـب يـنظم الشعر ارتجالاً، عارف بالموسيقى ملحن يقرأ الكتابـة الموسـيقية بـالحروف البـارزة ويعزفها وأمامه في مجلسه خرز من كل الألوان في علب صغار يؤلـف منـه بـالإبرة والخيط صوراً على القماش لوحاً ولها مبصر بعينيه وهو متفرغ لها يصنعها وهو يتكلم معك أو يناقشك أو ينشد الشعر وهو أعمى. وهو من نوادر العميان واسمه الشيخ عارف القلطفجي وهو قريب في هذه المزايـا من الرجل العجيب المشهور الشيخ عثمان الموصلي رحمه االله. لقد وصف الشيخ الطنطاوي الشيخ عثمان بالرجل العجيب قلت :حقاً لقد كان عجيبـاً ومن نوادر الرجال العميان

 ٥- سبق وأن أصدر الأستاذ الفاضل الشاعر الناثر المؤرخ الأديب المرحوم عبد الكـريم العلاف أول مجلة فنية في العراق - حسبما اعلم - وذلك في بداية الثلاثينات مـن القـرن الماضي، وقد أعطاني بعضاً من أعدادها واعتقد أنها تعد الآن من النوادر. وقـد زيـن صورة غلاف العدد الثاني منها بصورة للمرحوم الملا عثمان بزيه المولوي وكتب تحت الصورة ما يلي: "تصور المغفور له العلامة شيخ فن الموسيقى العراقية واحد النوابغ المبـرزين فـي الغناء الشرقي والغربي أيضاً وفي الشعر والتنازيل التي تلحن في حفلات المولد النبوي واحد الساسة العظام الذين طالبوا باستقلال العراق وخطبوا على المنابر وجاهـدوا فـي النوادي والاحتفالات العمومية الملا عثمان الموصلي رحمه االله تعالى

 ومن أراد التوسع في معرفة أحواله وأقواله ومؤلفاته ونشاطاته الخ فليقرأ كتـاب عثمان الموصلي للدكتورعادل البكري بطبعته الثانية. ولد الملا عثمان في سنة ١٨٥٤م وتوفي في سنة ١٩٢٣م رحمه االله رحمـة واسـعة وجزاه خيراً على جهاده وقد أرخ تاريخ وفاته الشاعر المعروف عبـد الـرحمن البنـا المتوفى في سنة ١٩٥٥م نذكر البيت الذي فيه التاريخ فقط وهو

 في جنة الفردوس قد أمسى نؤرخه * مع ابن عفان وسط الورد عثمان ١٣٤١هـ

***




***

OSMAN DEDE EFENDI, Musullu (1840- 1920) 
Bestekar ve hanende.



Musul’da doğdu. Musullu ve Musullu Âmâ Osman Dede olarak tanınır. Çocukluğunda üvey annesi tarafından gözleri kör edildi. Küçük yaşta hıfzını tamamladı, bu sebeple Hâfız Osman diye de anıldı. Daha sonra geçimini sağlamak ümidiyle İstanbul’a gitti. Mûsikiye olan kabiliyeti onun tekke ortamıyla tanışmasına vesile oldu. Bu arada Mevlevîliğe intisap etti ve çilesini tamamlayıp dedeliğe yükseldi. Bu yıllarda Zekâi Dede, Bolâhenk Nûri Bey ve Bahariye Mevlevîhânesi şeyhi Hüseyin Fahreddin Dede’den dinî ve din dışı mûsikiyi meşketti. Ayrıca Âmâ Ali Bey’den kanun dersi alarak kısa zamanda ileri bir seviyeye ulaştı. Mûsiki nazariyatını Muallim Kâzım Bey’den (Uz) öğrendi. Bir dönem Çemberlitaş’ta kitapçı dükkânı açarak ticaretle meşgul oldu. Dükkânının tanınmış mûsikişinasların buluşup sohbet ettikleri bir mekân haline geldiği kaydedilir. Hayatının son yıllarında Bağdat Mevlevîhânesi postnişinliğine tayin edilen Osman Dede Efendi bu görevi sürdürürken 1920’de yolda geçirdiği bir kaza sonucunda hayatını kaybetti. Bazı kaynaklarda ölüm tarihi 1918 olarak verilmektedir.

Osman Dede Efendi hânende, âyinhan, mevlidhan ve duahan olarak tanınmıştır. Aslen Arap olduğu halde Türkçe’yi güzel konuştuğu, tiz bir sese sahip olduğu, Mevlevî mûsikisini iyi bildiği, Mevlevî mukabelelerine âyinhan olarak katıldığı, pestlerden başlayıp tize doğru yükselen bir üslûpla Kur’ân-ı Kerîm tilâvet ettiği, zaman zaman camilerde hutbe okuduğu belirtilmektedir. Osman Dede ramazan aylarında Şehzadebaşı’ndaki Fevziye Kıraathanesi’nde Kemânî Memduh Efendi, Kanûnî Şemsi Bey, Kanûnî Âmâ Ali Bey ve hânende Karabaş gibi sanatçılarla küme fasılları yapmış, Kaşıyarık Hüsâmeddin Bey, Hâfız Şevki Bey, Hâfız Osman Efendi, Hoca Ziyâ Bey ve Tanbûrî Cemil Bey gibi dönemin üstatlarıyla birlikte devlet ricâli ve zenginlerin konaklarındaki mûsiki toplantılarına hânende, Şeyhülislâm Pîrîzâde Molla Mehmed Sâhib Efendi’nin konağındaki fasıllara kanunî olarak katılmıştır. Onun çok hassas bir kulağa sahip olduğu, dinlediği sesleri bir defada eksiksiz öğrendiği, tanıştığı kişileri asla unutmadığı ve herkesle kolayca dostluk kurduğu bildirilmektedir. İbnülemin Mahmud Kemal 1917 yılında Bağdat’ta bir tesadüf sonucu onunla karşılaştığını, hiç konuşmadan elini öptüğünü, bir süre elini tuttuktan sonra kendisini tanıdığını nakleder.

Şiirle de meşgul olan Osman Dede çok sayıda na‘t yazmış, ebcedle tarih düşürmede hayli ustalık kazanmıştır. Yenikapı Mevlevîhânesi şeyhi Abdülbâki Efendi’nin (Baykara) misafiri iken dergâhın hareminden bir kişinin gelerek o sıralarda şeyhin oğlunun doğduğunu bildirmesi üzerine o anda yirmi beş-otuz mısralık bir tarih manzumesini irticâlen okuduğu anlatılır (Özalp, II, 32). Günümüze çoğu dinî olmak üzere yirmi civarında eseri ulaşmıştır. Bunlardan hüseynî peşrev, hüseynî Mevlevî âyini (sadece birinci selâmı elimizdedir), hüzzam makamında ağır aksak usulündeki, “Neş’e-yâb-ı lutfun olsun bu ser-i şûrîdemiz” mısraıyla hüzzam ve “Feryâd ki feryâdıma imdâd edecek yok” mısraıyla başlayan nihâvend şarkılarla, “Eyâ sen sanma kim senden bu güftârı dehân söyler” mısraıyla başlayan bayatî-araban ilâhisi en meşhurlarındandır (eserlerinin listesi için bk. Aksüt, s. 263-264; BTMA, II, 171).

Osman Dede Efendi bazı kaynaklarda Hâfız Şaşı Osman ile karıştırılmaktadır. Ayrıca Arapça bir ansiklopedide Osman el-Mevsılî maddesine konu olan kişiyle aralarında bazı benzerlikler bulunmakla birlikte bu kişinin Osman Dede Efendi olmadığı anlaşılmaktadır. Sadece maddenin girişine konulan resimdeki kişi Osman Dede Efendi’dir (Hamîd Mecîd Hedo, I, 355-356).

BİBLİYOGRAFYA:

- Namık Kemal’in Husûsî Mektupları (haz. Fevziye Abdullah Tansel), Ankara 1986, VI, 683-684;
- Sadettin Nüzhet Ergun, Türk Musikisi Antolojisi, İstanbul 1943, II, 494, 634, 677-678, 753, 760, 768, 780-781; 
- Ali Rıza Sağman, Mevlid Nasıl Okunur ve Mevlidhanlar, İstanbul 1951, s. 216; 
- İbnülemin, Hoş Sadâ, s. 187-188; 
- Mustafa Rona, 20. Yüzyıl Türk Musikisi, İstanbul 1970, s. 13-14; 
- Sadun Aksüt, Türk Musikisinin 100 Bestekârı, İstanbul 1993, s. 262-264; 
- Özalp, Türk Mûsikîsi Tarihi, II, 31-32; 
- Hamîd Mecîd Hedo, “ʿOs̱mân el-Mevṣılî”, Mevsûʿatü Beyti’l-ḥikme li-aʿlâmi’l-ʿArab, Bağdad 1420/2000, I, 355-356; 
- A. Masala, “Due musicisti arabi alla corte ottomana ‘Aziz Efendi (1842-1895) e Osmân Dede Efendi (1840-1918)”, Islàm. Stroia e Civiltà, VII/3, Roma 1984, s. 111-112; 
- Yılmaz Öztuna, “Osman Dede Efendi”, TA, XXVI, 79; a.mlf., BTMA, II, 170-171.

***


***

Musullu Âma Hafız Osman Efendi (1840-1920)

Dr. M. Nazmi Özalp

Hafız Osman Efendi 1840 yılında Musul’da doğdu; bir yaşında iken annesini, daha sonra üvey annesinin zulmünden gözlerini yitirdi. Genç yaşında yeni imkânlar aramak için İstanbul’a geldi. Israrlı tabiatı, musikiye düşkünlüğü sebebi ile o dönemin ünlü musiki ustalarından Hoca Zekâi Dede, Bolahenk Nuri Bey ve Hüseyin Fahreddin Dede’den musiki öğrendi. Kısa sürede çok güzel Kur’an okuyan bir hâfız oldu. Aslen Arap olan Osman Efendi Türkçeyi de güzel konuşurdu. Âma Ali Bey’den kanun dersleri aldı. Üstün bir zekâya sahipti ve olağanüstü duyarlılıkta bir kulağı vardı. Bir eseri bir kez dinlemekle eksiksiz öğrenirdi. Tanıdığı bir kimseyi bir daha unutmaz, iyi domino oynar, camsız saatiyle zamanı şaşmaz bir şekilde tespit eder, bu özellikleriyle herkesle kolayca dostluk kurardı. O yılların sayılı mûsikişinasları ile düşe kalka dini ve dindışı mûsiki repertuvarını hayli genişletmişti.

Camilere hutbe ve dua okur, bir yerde söylediklerini bir başka camide tekrar etmezdi. Mevlid ve ilahi okumakta da tanınmıştı. Ayasofya Camii’nde Kur’an okurken büyük bir kalabalık dinlemeye gelir, okumaya pest perdelerden başlar, gittikçe oktavlara perde perde yükselir, sonra aynı şekilde başladığı perdeye dönerdi. Onun hutbe okuduğu camiler dinleyicilerle dolup taşardı. Mevlevilik ve Nakşibendilik tarikâtlerine mensuptu. Mevlevi mûsikisini iyi bilir, tekkelerde âyin okurdu. Dini kültürü çok genişti ve Farsça bilirdi.

Çok tiz bir sesi vardı. Dindışı mûsikiyi de iyi bildiğinden, bütün bir ramazan ayı boyunca Fevziye Kıraathânesi’nde Kemani Memduh Efendi, Kanuni Şemsi Bey ve hânende Karakaş gibi sanatkârlarla fasla çıkardı. Bir çok devlet adamını ve varlıklı kimseleri iyi tanıdığından konaklarda yapılan özel mûsiki toplantılarına katılır; bu toplantılarda hanende Hüsameddin Bey, Hoca Ziya Bey, Hâfız Şevki Bey, Tanburi Cemil Bey, Hafız Osman Efendi ile mûsiki icra ederdi. Çok güçlü bir icrakârdı; usul ve makamdan asla şaşmaz, aynı ustalıkla kanun çalardı. Mûsikimizin nazari konularını Kâzım Uz’dan öğrenmişti.

Son yıllarında Çenberlitaş’ta açmış olduğu kitapçı dükkanı, bir ticaret yeri olmaktan çok, tanınmış mûsikişinasların uğrak ve toplantı yeriydi. Aynı zamanda iyi şairdi; tarih düşürmekte çok ustaydı. Bazı eserlerinin sözlerini kendisi yazmıştır. Ayasofya önünde isteyene mûsiki dersleri verirdi.

Hâfız Osman Efendi’nin adı bazı menkıbelere de karışmıştır. Birgün Yenikapı Mevlevihânesi şeyhi Abdülbâki Dede Efendi’ye misafir olmuş. O sırada şeyhe, dergâhın hareminden gelen bir kişi bir oğlunun olduğunu haber vermiş. Aynı zamanda Hâfzı Osman Efendi 25-30 mısralık bir tarih şiirini irticalen okuyuvermiş. Birgün de Sahip Molla rüyasında Hazreti Peygamber’le Osman Efendi’yi görmüş. Bundan haberi olmayan Osman Efendi ile karşılaşınca bir şey söylemeye fırsat kalmadan, “Efendi çok mu gördün? Ben şu aciz lisanımla O’nun için yedi bin beyit söyledim” deyince Sahip Molla şaşakalmış.

Şişman, esmer tenli, gözleri kapalı, orta boylu bir kimse olan Osman Efendi, Bağdat Mevlevihânesi’ne şeyh olarak gönderilmiş, bir otomobil kazası sonucu 1920 yılında seksen yaşında iken Bağdat’da ölmüştür.

Bu geniş kültürlü ve sanatkâr insan mûsikimizin her türü ile uğraşarak az ve özlü eserler ortaya koymuştur. Hüseyni makamında beslediği Mevlevi âyini, bir bölümü hariç unutulmuştur. Saz eseri de bestelemiştir. Hüzzam makamındaki “Neş’eyâb-ı lûtfun olsun bu ser-i şuridemiz” güfteli eseri gerçekten güzeldir. Mûsiki repertuvarımızda on İlâhi, bir peşrev, altı şarkısı bulunuyor.

Dr. M. Nazmi Özalp - Türk Musikisi Tarihi kitabından alınmıştır.

Beyâti Araban İlâhi

Bestenigâr-Bu nevâyı dil hıraş ahı dilü canım mıdır

Hicaz İlâhi-Ârif ol âyine-i insane bak

Hicaz İlâhi-Sen bana benden yakınsın

Hüseyni-Teshire seni çare yok

Hüzzam İlâhi-Sûruşan raks ederler

Hüzzam İlâhi-Vaslın bana hayat verir

Hüzzam-Neş’eyâb-i lutfun olsun bu ser-i şûridemiz

Mahur-Hayrül teslimatin min sabbin

Nihavend-Firakınla cihandan rıhletim

Şehnazhâveran İlâhi

Suzinak İlâhi

Suzinak-Yaktı dil-i virânemi yıktı temelinden

***

HÂFIZ: ÂMÂ OSMAN EFENDİ 

Mehmet Güntekin 

Musullu Osman Efendi, lâkabından anlaşılacağı üzere, Musul vilâyetimizde 1840’ta doğmuştu. Yüz yıl kadar sonra Kâni Karaca’nın uğradığı felâketin aynını yaşamış, bebekken üvey anası tarafından gözleri kör edilmişti. “Hezarfen”di, yani pek çok sahada söz sahibiydi. Hâfızlığının ve bestekârlığının yanısıra tefsir ve hadis gibi ilâhiyat konularında da âlimdi. Mevlevi “dedesi” idi ve bir aralar siyasetle de uğraşmış, İttihat ve Terakki Partisi’nin propagandistliğini yapmıştı. Arap’tı, ama Türkçe’yi Arapça’dan daha iyi bilirdi. 

Âmâ Osman Efendi’yi diğer bütün hâfızlardan ayıran önemli bir özelliği de sesinin güzel olmamasıydı! Sesinde en ufak bir parlaklık, sevimlilik ve canlılık yoktu. Boğuk, küpten çıkar gibi bir sesle okurdu; ama ismi duyulduğunda istisnasız herkes saygı duruşuna geçerdi. Peki, Osman Efendi, nasıl olmuştu da, sesi güzel olmamasına rağmen adını literatüre yazdıracak kadar usta bir okuyucu olarak şöhret kazanmıştı?

İşin püf noktası, okuyuculuğunun altyapısının, engin kültürü ve musiki bilgisi ile dolu olmasıydı. Zekâi Dede, Hüseyin Fahreddin Dede ve Bolâhenk Nuri Bey gibi, Türk Musikisi’nin büyük ustalarından musiki öğrenmişti. Pek güzel olmayan sesi, emsalsiz bir şekilde sanatlıydı. Öyle ustaca geçkiler yapardı, okuduğunun anlamını musikiyle öylesine bezerdi ve öyle sağlam bir müzikaliteye sahipti ki, dinleyenler hıçkırıklar içinde kendilerinden geçerlerdi. Üstelik o boğuk, kuyudan çıkar gibi gelen sesinde en küçük bir falso olmaz, okuduğu en basit bir cümle bile tantanalı bir musiki şölenine dönüşürdü. Musikinin birincil malzemesinin “ses güzelliği” olmadığının; hele de bizim musikimiz için “üslûp” ve “tavır” kavramlarının ses güzelliğinden çok önde geldiğinin canlı örneğiydi. 

Osman Efendi’nin bir özelliği de mevlidi, “izahlı konferans” hâlinde okumasıydı. Bir beyti, doyumsuz bir musiki ziyafeti verircesine okur, hemen ardından o beytin ihtiva ettiği dini esasları ve edebi nükteleri açıklar, sonra bir diğer beyte geçerdi. 

Çok iyi kanun çalabilen Osman Efendi, bir ara Direklerarası’ndaki kahvelerde fasla çıkıp hânendelik etmişti. Âmâ olmasına rağmen, domino oyununda Osman Efendi’yle baş edecek kişi görülmemişti.

Comments

  1. شكرا جزيلا على هذه المعلومات
    بالنسبة لعائلة الجوادي فهي عائلة معروفة جدا في الموصل، لذا أرجو تصحيح اسم محمد صالح الجواد ليصبح الجوادي
    وشكرا
    أ.الجوادي

    ReplyDelete
  2. شكرا على التصحيح المهم
    و تحياتي لك و للعائله الكريمة

    ReplyDelete
  3. مشكور أخي العزيز على هذه الصفحة المفيدة لاحياء تراثنا العراقي الجميل

    ReplyDelete
  4. thanks for nice information
    you can put also the song "Dizani waraaf maraami"

    ReplyDelete
  5. مشكورين

    موضوع أقل ما يوصف بأنه رائع و راقي
    و انا بدوري نشرت جهودكم لأن الكثير من الناس لا يعرفون جزء من هذه الحقائق التي تمس ماضينا و ثقافتنا

    أشكركم مرة ثانية

    ReplyDelete
  6. Great blog and a topic!

    I just wanted to add another info which I couldn't find under this topic. There's another record of Hafiz accompanied by Tamburi Cemil.

    In a radio programme, Mesud Cemil (another great tamburi and Cemil's son) did a splendid introduction before that performance:

    http://www.youtube.com/watch?v=Ru8IaXOxONg

    Thanks a million again.
    Regards,

    ReplyDelete
  7. Hello!
    First of all congratulations for this great job! I'm glad to have discovered you blog.
    I had a small question to ask you. You mention in this entry that the song Kaddouk al Mayyas was composed by Mulla Uthman al Musili. I'm quite interested in the origin of this song and I was trying to find some sources about it when I found your blog.You mention some sources at the end of this entry, would it be possible for you to send me a scan copy of the quote of the entry where this song and Mulla Uthman are mentioned? And what are exaclty the "Tanzilat al mawlid alnabawi"?

    Also you talked about ‫مقامات بالبستات‬. What do you mean exactly by this? Is it a specific kind of maqam?

    Thaks a lot again for your work.
    All the best,

    ReplyDelete
    Replies
    1. My name is B.Kosar, from Turkey. I am a music teacher in a state school . At the same time, I am a student in MSc program in Dokuz Eylul University. I have been currently writing my thesis on the topic of “Biography and Works of Mulla Uthman Al-Mawsili”. I choose my Master’s Thesis as the life, artistic characteristics and works Mulla Uthman Al-Mawsili, whom I admire to his life and music of his era. During my research, I was excited to see that you are interested in Mulla Uthman Al-Mawsili. I hope you can help me for my research and I kindly ask your permission to access and use your study about “Mulla Uthman Al-Mawsili” for my research. I would appreciate it if you share your academic knowledge about this topic. Thank you for your support in advance. my e mail turkmusiki@gmail.com.



      Kind regards.



      Berkant Kosar
      turkmusiki@gmail.com

      GSM: +90 5053133897

      Delete

Post a Comment

Follow Us! تابعونا

Iraqi Maqam on YouTube

.....................................................

Introduction:

Art Music: Al-Maqam al-Iraqi

Music of Iraq and the Arabs

The Baghdad Tradition

Classical Music of Iraq

The Iraqi Maqam

A Note on the Iraqi Maqam

The Maqam of Iraq

Poetry of the Iraqi Maqam

Repertoire of the Iraqi Maqam

Al-Chalghi al-Baghdadi

Cairo Arab Music Congress 1932

Microtones: The Piano and Muhammad Al-Qubanshi

Jewish Role in Iraqi Music

Melodies of Mulla Uthman al-Mawsili

.....................................................

مقالات مهمة

المقامات العراقية - عبد الوهاب بلال

المقام العراقي عرض وتلخيص - جلال الحنفي

الموسيقى الكلاسيكية العراقية - برنارد موسلي

المقامات العراقية - عبد الكريم العلاف

الغناء البغدادي واحوال المغنين - جلال الحنفي

المقام العراقي موروث فني عريق مهدد- شهرزاد قاسم

المقام العراقي خصوصية مهددة بالاندثار - الجزيرة

المفهوم الحقيقي للمقام العراقي- حسقيل قوجمان

الچالغي البغدادي - جلال الحنفي

مجالس الانس والطرب في بغداد - العلاف

الجالغي البغدادي دراسة نظرية - الجزراوي

النغمة والحس النغمي في بغداد - جلال الحنفي

الاغاني الشعبية ومناسباتها - عبد الكريم العلاف

البستة العراقية وارتباطاتها الاجتماعية - الحنفي

الموسيقى والمقامات في الموصل- محمد الجليلي

ذكريات عن المقام العراقي - حسقيل قوجمان

علاقة اليهود بالموسيقى العراقية - قوجمان

الموال البغدادي الزهيري - عبد الكريم العلاف

الموال والغناء البغدادي في حياة الاشقياء

الشيخ جلال الحنفي والمقام العراقي - يحيى ادريس

موشحات دينية للملا عثمان الموصلي - زياد الشالجي

....................................................

قراء المقام العراقي

حامد السعدي *

حسين الاعظمي *

سعد الاعظمي *

خالد السامرائي *

عبد الجبار العباسي *

علي أرزوقي *

صبحي بربوتي *

حميد العزاوي *

عبد الله المشهداني *

فوزي سعيد الموصلي *

طه غريب *

ابراهيم العزاوي *

محمود السماك *

نمير ناظم *

قيس الاعظمي *

محمود حسن *

صباح هاشم *

رعد الاعظمي *

محمد الرفاعي *

ابراهيم العبدلي *

يونس كني الموصلي *

اكرم حبيب *

محمد رؤوف *

حسين سعد *

كريم الخالدي *

محمد غانم التميمي *

عزيز الخياط *

احمد نجيب *

ناظم شكر *

امير الصفار *

فريدة محمد علي *

جبار ستار *

عامر الموصلي *

مصعب الصالحي *

محمود فاضل القيسي *

عبد الحميد البناي *

حارث العبيدي *

عبد الجبار قلعه لي *

صلاح السراج *

مجيد حميد *

مربين صليوة *

غسان الطائي *

مجدي حسين *

رأفت نجم *

محمود زازا *

طيف القطر *

وسام العزاوي *

عبد المعز شاكر *

مقداد العبادي *

سعد الطائي *

ملا جمال النعيمي *

عز الدين الرفاعي *

محمد زكي *

سامر الاسمر *

انور ابو دراغ *

محمد الشامي *

احمد نعمة *

اسماعيل فاضل *

نجاح عبد الغفور *

محمود الطائي *

بهاء الدين الزبيدي *

احمد جاسم *

مزهر العبيدي *

مصطفى سمير *

فاضل العگيلي *

مصطفى الزبيدي *

سعد البياتي *

علي هوبي *

سرمد ناظم *

مصعب عبد الكريم *

علي ضياء *

محمد وائل الراوي *

رامز الراوي *

مظفر الامير *

ملا منذر الاعظمي *

فاروق الاعظمي *

وليد الفلوجي *

عامر توفيق *

طارق القيسي *

مقداد محمد *

شريف جاسم *

صالح الحريبي *

عبد الرحيم الاعظمي *

عوني قدوري *

مائدة نزهت *

صلاح عبد الغفور *

سامي عليوي *

قاسم الجنابي *

عبد القادر النجار *

نجم عبود الرجب *

عبد المجيد الخشالي *

عبد الملك الطائي *

حمزة السعداوي *

رشيد الجبوري *

عاصم البغدادي *

عبد الرحمن البدري *

الحاج سامي الفضلي *

محمد خليل الاعظمي *

عبد المجيد العاني *

عبد الرحمن العزاوي *

ناظم الغزالي *

يوسف عمر *

عبد الرحمن خضر *

علي مردان *

عبد الواحد كوزه چي *

ملا عبد الجبار الاعظمي *

الهام ملا عبود *

زهور حسين *

سيد اسماعيل الفحام *

شهاب الاعظمي *

ملا عبد الستار الطيار *

الحاج مرعي السامرائي *

شعوبي ابراهيم الاعظمي *

فلفل كرجي *

يعقوب مراد العماري *

داود الكويتي *

الحاج هاشم الرجب *

علي حسن داود العامري *

ابراهيم الخشالي *

يونس يوسف الاعظمي *

عبد الهادي البياتي *

احمد موسى *

ملا بدر الاعظمي *

الحافظ عبدالله الراوي *

رشيد الفضلي *

جميل الاعظمي *

محمد العاشق *

حسن خيوكة *

سليم شبث *

توفيق الچلبي *

مجيد رشيد *

حسقيل قصاب *

سعيد دخان *

عبد الخالق صالح *

جهاد الديو *

عباس القصام *

صالح الكويتي *

سليمة مراد *

عبد القادر حسون *

يوسف حوريش *

اسماعيل عبادة القيسي *

محمد القبانچي *

مهدي العيسى *

سلطانة يوسف *

بدرية ام انور *

نجم الدين الشيخلي *

ملا طه الشيخلي *

منيرة الهوزوز *

الحاج عباس الشيخلي *

طاهر الشيخلي *

حسقيل معلم *

صديقة الملاية *

الست روتي *

الحافظ ملا مهدي *

الحاج يوسف الكربلائي *

عبد الفتاح معروف *

جليلة ام سامي *

زينل صابونچي *

ملا عبد الله لوبياچي *

تتو المندلاوية *

ناحوم يونا *

مكي صالح العبيدي *

ناصر حسين الفضلي *

عباس بطاوي *

الحاج وهيب ابو البرنوطي *

محمد علي خيوكة *

محمود نديم البناء *

عبد الرزاق القبانچي *

ملا محمد طوبال *

سيد احمد الموصلي *

سيد امين الموصلي *

سيد سلمان الموصلي *

ابراهيم العزاوي *

حسين علي الصفو *

ملا طه عبد القادر كركوكلي *

ملا صابر عبد القادر كركوكلي *

علوان العيشة *

حميد التيلچي *

جاسم ابو النيص *

داود احمد زيدان *

شاؤول صالح گباي *

محمود قدوري النجار *

سلمان موشي *

قدوري العيشة *

انطون دايي بطرس *

الحاج جميل البغدادي *

رشيد القندرچي *

شكر السيد محمود *

عبد الجبار گبوعي الاعظمي *

زينل الكردي الحمال *

الحاج مهدي الصباغ *

ساسون زعرور *

محمود القندرچي *

قدو جاسم الأندلي *

ملا عثمان الموصلي *

الاسطة محمود الخياط *

احمد حبيب الاعظمي *

السيد ولي العاني *

الحاج عبود الكاظمي *

قدوري القندرچي *

رزا حسين اغا *

سعودي مرزوگ *

الشيخ حميد المحتصر *

رحمين نفطار ناحوم *

حسن الشكرچي *

روبين رجوان *

احمد زيدان *

مير القندرچي *

ابراهيم العمر *

خليل ابراهيم رباز *

سيد مهدي الرشدي *

عبد الوهاب شيخ الليل *

احمد علي الصفو *

سيد علي العاني *

احمد ويس الاعظمي *

اسرائيل ساسون روبين *

الحاج نعمان رضوان كركوكلي *

عبد الوهاب الافحج *

قوچ علي *

الحافظ بكر الاعظمي *

ملا سعيد الحلي *

حسقيل الياهو بيبي *

الحاج حمد جعفر النيار *

صالح ابو داميري *

سعيد الاعظمي *

احمد ابو الخواچي *

حسن البصير الشيخلي *

عبد اللطيف شيخ الليل *

حمد جاسم ابو حميد *

رحمة الله خليل شلتاغ *

حسقيل شاهين *

بكر التتنچي *

امين اغا ابن الحمامچية *

الحاج عبد الله كركوكلي *

علي الصفو *

حمه بيرة *

مال الله كركوكلي *

ماشالله المندلاوي *

ملا حسن البابوجچي *

ابراهيم نجيب *

يوسف نوري كركوكلي *

ملا عبد الرحمن ولي *

سيد سنطوري سليمان *

ملا سعدي الموصلي *

سيد علي الحكيم *

عثمان الخطيب الموصلي *

عبد الرحمن الموصلي *

موجيللا *

احمد ابن الخلفة *

ملا فرج الشيخلي *


Creative Commons License

This work is licensed under a Creative Commons Attribution-Noncommercial 3.0 Unported License.

اعداد وتحرير زياد الشالچي

بعض الحقوق محفوظة لاصحابها

Popular Posts ~ مقالات سابقة