المقام العراقي - من دليل الجمهورية العراقية لسنة 1960
دليل الجمهورية العراقية - وزارة المعارف 1960
محمود فهمي درويش
د . مصطفى جواد
د. أحمد سوسة
المقام العراقي
المقام (١)، لغة كما ينص عليه معجم لسان العرب: المجلس والجمع مقامات، ومقامات الناس مجالسهم ايضا، وفي محيط المحيط المقام موضع القدمين والمنزلة ومنه مقامات الاعداء، وتطلق المقامات على خطب من منثور ومنظوم كمقامات الحريري. اما في الغناء فالمقام قد نص عليه محمد بن اسماعيل بن عمر المصرى المشهور بشهاب الدين المصرى فى كتاب "سفينة الملك ونفيسة الفلك" الذي يبحث في الغناء والموسيقى بقوله: «المقام في الغناء ما ركب من نغمات ورتب ترتيبا مخصوصا وسمى باسم مخصوص. . وعلى هذا فالمقام سلم موسيقى تتوالى فيه الابعاد المحصورة بين نغماته بشكل معين، وان أى تغيير يحصل في نظام هذه الابعاد يؤول الى مقام آخر. اما المقام العراقـــــى فهو مجموعة نغمات ذات رتب منسجمة وسلم موسيقى له ابعاده الخاصة التي تبتدئ بالتحرير وتنتهى بالتسليم
اصول المقام العراقي (۲)
للمقام العراقي خمسة فصول تغنى تباعا الفصل الأول هو (البيات) والثانى (الحجاز) والثالث (الرست) والرابع (النوى) والخامس (الحسيني)
اما الفصل الأول وهو (البيات) فيتألف من المقامات الآتية: (بيات) و (نارى) و (طاهر) و (محمودی) و (سیکاه) و (مخالف) و (حلیلاوی)
الفصل الثاني، وهو (الحجاز) ، يتألف من المقامات الاتية: (حجاز) (ديوان) و (توریات) و (عربون عجم) و عریبون عرب) و (ابراهیمی) و (حدیدی)
الفصل الثالث، وهو (الرست)، يتألف من المقامات الانية: (رست) و (منصوری) و (حجاز آجغ) و (جبوری)
و (خنابات) و (شرقی)
الفصل الرابع، وهو (النوى)، يتألف من المقامات الآتية: ( نوى ) و ( مسجين ) و ( عجم ) و ( صبا )
و (راشدی) و (مدمی)
الفصل الخامس، وهو (الحسيني)، ويتألف من المقامات الآتية: (حسيني) و (دشت) و (ارواح) و (اوج) و (حکیمی) و (پنجگاه)
ولهذه المقامات شعب وبردات يعرفها اهل هذا الفن. ان هذه المقامات تنسجم عند الغناء بالتي الكمان والسنطور وهما آلتان عراقتان قديمتان شجينا النغم وقلما يعرفها غير اهل العراق وكان اليهود من قبل مهاجرتهم سنة ١٩٤٧ و ١٩٤٨ من العراق من المجودين في العزف على هاتين الالتين واشهرهم في السنطور هو عزورى وفى الكمان ابن بتو ، اما الان فعازف السنطور هو كاتب هذا المبحث وهو استاذ تعليم الضرب على هذه الآلة في معهد الفنون الجميلة ، كما انه رقيب الغناء العراقي في دار الاذاعة العراقية، واما عازف آلة الكمان فهو السيد شعيب الاعظمي، وهناك آخرون لا يزالون في طريق التجويد فيهما.
تاريخ المقام العراقي
اختلف رواة التاريخ ومدونوه في تاريخ المقام العراقي ومدى تغلغله في القدم، وليس فيما بين يدنا من مراجع ما يشير الى ان المقام العراقي الحالى هو من أصل المقام العباسى القديم او من فروعه، ولهذا فتاريخ المقام الذى یعنی به العراقيون الان غامض ليس له تدوين، وجل ماعرفناه وتأكدنا منه ان المقام العراقي الحالي يرتقى زمنه الى ماقبل اربعمائة سنة بقليل، على اننا لا نعرف شخصية واضعه او قارئه. وعلى هذا وبعد ان اصبحت لدينا بعض الادلة التي ليس هنا مجال سردها، فبالوسع ان نجزم ان المقام العراقي الحالى لا يمت بصلة الى المقام العباسي الذي يشير اليه الأصبهاني وغيره. وان اعتقاد بعض المتأخرين بان المقام الابراهيمي مثلا من وضع وتأليف ابراهيم الموصلى مغنى هارون الرشيد هو محض شبهة ليس لها ما يؤيدها
اعلام المقام العراقي
ان اقصى ما نعرفه عن أول المغنين بالمقام العراقي الحالى هو القارئ عبد الرحمن ولى المولود في كفرى من مدائن شمال العراق سنة ١١٥٦ هـ والمتوفى سنة ١٣٤٦ هـ، والقارى، بلغة العراقيين كناية عن مرتل المقام ومغنيه. ومن القدامى المجودين فيه من الذين لهم فضل تهذيب مدارجه وترتيب نغماته وابعاده الخاصة المغنى رحمة الله المعروف بشلتاغ المتوفى سنة ۱۲۸۸ هـ وكذلك القارىء الاستاذ احمد الشيخلي المشهور بابي حميد المتوفى في بغداد سنة ۱۲۹۸ هـ. وله في هذا المضمار باع طويل ومحسنات غنائية جمة كان لها عظيم الأثر في خلفائه من مدرسته حتى يومنا هذا
مشاهير قراء المقام
لقراء المقام مدارسهم التي ينتمون اليها كابرا عن كابر يتدارسونه ويروونه بامانة وعناية بالترتيل والحفظ دون ان يكون لديهم مدونات او مراجع او مصادر او مظان يرجعون اليها كالنوتة مثلا لصيانة وتثبيت كيان مقامهم برتبه وتحريره وتسليمه وافرعه واوصاله وميانانه وما الى ذلم مما ينبغي المحافظة عليه عند ادائه. ولهذا فانك واجد هواة المقام وطالبيه ينثالون على اساطينه يلازمونهم ولا ينفكون عنهم يمارسونه ويستمعون اليه حتى يتم لهم النجح والاجازة واحدا عن واحد. اما الذين يجودون فيه فتعلو بهم درجاتهم حتى يصبحوا من ائمة هذا المضمار فلهم فى اداء المقام طرائق يتذوقونها في قراءة القطعة وترتيلها حسب اجتهاد القارى، وما يعشقه من نغم، على ان اختلافهم هذا لا يخرج عن فروع المقام فقط لان الاصل فيه واحد. وان المحسنات الغنائية التي يدخلها المجودون من القراء على المقام العراقي تتفاوت رتبها ودرجاتها حسب قوة القاريء نفسه وانماط تأدينه وبراعته في الفن وحسن صوته وما يملكه من حنجرة تسيطر على المقام وسلمه
ومن القراء الذين اعطوا للمقام العراقي حقه بالفانين ورتب ودرجات لايزال اهل العراق يتذوقونها ويتأثرون اساليها في التأدية وينشدونها
احمد الزيدان البغدادي، المتوفى سنة ۱۳۳۱ هـ يمتاز بقوة حنجرته وعذوبة صوته وارتفاع درجته واتقانه للمقام اتقانا غريبا، صالح ابو دميري، المتوفى ببغداد سنة ۱۳۳۳ هـ وله مميزات خاصة وتفنن عجيب عند تأديته . خليل الرباز، المتوفى ببغداد سنة ۱۳۲۲ هـ جهوري الصوت رفيق النيرات كثير الحفظ متفنن في الاداء. روبين رجوان، المتوفى ببغداد سنة ١٣٤٥ هـ اشتهر بصوته العذب وبعمق تأثيره في قراراته. رشيد القندرجي، المتوفى ببغداد سنة ١٣٦٤ هـ وهو من اساطين المقام العراقي اشتهر بقوة الاداء وصياغة النغم• الحاج جميل البغدادي، المتوفى سنة ۱۳۷۰ هـ. يمتاز بالنغم الشجى كثير الحفظ متفنن في الاداء. قدو الاندلى، المتوفى سنة ١٣٧٦ هـ معروف بجميل اختياره للمقام بما يناسب كل مقام ولهذا كان شديد التأثير على المستمعين. الحاج عباس الشيخلي، جميل الصوت عذب النغم من المجودين الاقوياء له مدرسته الخاصة، لايزال حيا فى بغداد• نجم الشيخلي، المتوفى ببغداد سنة ١٣٥٦ هـ قليل الحفظ ولكنه عذب الصوت شجيه جميل النغمات رصين التأدية ساحر جذاب. الشيخ عثمان الموصلي، المتوفى بغداد سنة ١٣٤٢ هـ وهو امام اهل الفن فى هذا المضمار يبتدع القطعة ببراعة في الاسلوب ودقة فى الاداء، يجيد الغناء بافانينه يرتجل الشعر الرصين في المناسبات حسب البحور اللازمة لكل مقام، كما يحسن الضرب على العود والنفخ بالناى والعزف على القانون وهو كفيف. ومن المعاصرين الاحياء الذين لهم القدح المعلى في هذا الميدان، ميدان المقام العراقي هو الاستاذ السيد محمد القبنجي البغدادي الأصل له من طريقته الخاصة فى الغناء ما يخلب الالباب ويستهوى النفوس وانه ممن ادخل قطعا من الغناء الحديث في بعض ما يؤديه من مقام خلافا لما ارتاه ويرتبيه كثير من اهل المقام في ذلك، حيث يعتبر التجويد في المقام العراقي هو المحافظة على ترتيبه وقطعه وامكانية ادائه كما وصلنا من أئمته لصيانة هيكله كمقام عراقي اصيل. ويشتهر الاستاذ القبنجي بقوة حافظته وكثرة ارتجاله للشعر ساعة الغناء كما يشتهر برخامة صوته وعذوبته وبمقامه الوطني في المناسبات. ومن قراء المقام المعروفين في الوقت الحالى يوسف عمر وحسن خيوكه وعبد الرحمن خضر واحمد ملا رحيم وجميل الاعظمى وحمزة السعداوى وفاضل الساعاتي وناظم الغزالي وغيرهم. اما الذين يجيدون المقام ويغنونه في المناقب النبوية والحفلات الدينية فمنهم الحافظ صلاح الدين وعبدالستار الطيار والسيد عبد المنعم أبو السعد والسيد عبد الفتاح وهناك عدد غير قليل من قراء مقام البوذية وهو نغم اختص به اهل اواسط العراق بصورة خاصة وقراؤه كثيرون فى الفرات الاوسط من العراق ويقرأ هذا المقام في الغالب في محافل التعزية الحسنية بصورة خاصة
(1)
وضع هذا المبحث الاستاذ في الغناء العراقي وموسيقاه القديمة الحاج هاشم محمد الرجب استاذ المقام العراقي في معهد الفنون الجميلة بمساعدة مدير هذا الدليل محمود فهمی درویش
(۲)
راجع في هذا البحث كتاب السيد عبد الكريم العلاف، بغداد القديمة - (مطبعة المعارف) وهو ممن ينظم شعر المقام العراقي وله في ذلك باع طويل
Comments
Post a Comment